هل تتفوّق الألواح الشمسية العائمة على الأنظمة الأرضية؟ دراسة سعودية تكشف مفاجآت في الأداء والكفاءة
في ظل التحديات المناخية والتوسع العالمي في اعتماد الطاقة المتجددة، تبرز أنظمة الطاقة الشمسية العائمة (SFPV) كخيار واعد لتوليد الطاقة النظيفة بكفاءة أعلى، خاصة في المناطق الساحلية الحارة. دراسة سعودية حديثة سلطت الضوء على هذا التوجّه من خلال مقارنة الأداء بين أنظمة الألواح الشمسية العائمة والأنظمة التقليدية المثبتة على الأرض (GSPV)، وذلك باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة لتعزيز دقة التنبؤ وتحسين التكامل مع الشبكات الذكية.
بين اليابسة والماء: مقارنة علمية دقيقة
أجرى فريق بحثي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تجربة ميدانية متكاملة في منطقة العزيزية بالمملكة العربية السعودية، حيث تم تثبيت نظامين متطابقين من الألواح الشمسية ثنائية الوجه (bifacial) بقدرة قصوى 545 واط لكل لوح:
- النظام العائم تم تركيبه على بعد 25 مترًا من ساحل الخليج العربي، بعمق 1.5 متر.
- النظام الأرضي تم تركيبه على اليابسة المجاورة، وتحت نفس الظروف المناخية.
كلا النظامين تضمن محولًا كهربائيًا ، وبطارية تخزين، وأجهزة تسجيل بيانات دقيقة لقياس الجهد، التيار، الطاقة المنتجة، ودرجة حرارة سطح الألواح.

التبريد الطبيعي: سرّ تفوق النظام العائم
أظهرت نتائج القياس في شهر يونيو 2024 أن النظام العائم سجّل:
- زيادة بنسبة 59.25% في متوسط الطاقة الكهربائية المنتجة.
- ارتفاع بنسبة 69.70% في الطاقة الكهربائية الصافية اليومية.
وتعود هذه الزيادة بشكل رئيس إلى تأثير التبريد الطبيعي لمياه البحر، حيث لوحظ أن متوسط حرارة سطح الألواح في النظام الأرضي بلغت 58.4 درجة مئوية، بينما انخفضت في النظام العائم إلى 39.5 درجة مئوية — أي بفارق 32.36%
الذكاء الاصطناعي: التنبؤ بالأداء بكفاءة عالية
إلى جانب القياسات الميدانية، قام الفريق البحثي بتطوير نموذج هجين من الذكاء الاصطناعي يعتمد على:
- خوارزمية تحسين سلوك الدب البني (Brown Bear Optimization Algorithm BBOA) لتحديد القيم المثلى للمعاملات.
- شبكة الذاكرة طويلة الأجل (Long Short-Term Memory LSTM) لتوقّع ناتج الطاقة وحرارة سطح الألواح.
وتم تقسيم البيانات بنسبة 70% للتدريب و30% للاختبار. وقد شملت المتغيرات المدخلة: الوقت، الإشعاع الشمسي، التيار والجهد الكهربائي، ودرجة الحرارة المحيطة. أما المتغيرات المستهدفة فكانت الطاقة المنتَجة ودرجة حرارة سطح اللوح.
- النموذج الهجين LSTM-BBOA حقق معامل تحديد R² Coefficient of Determination مذهل بلغ 0.9998
- سجّل النموذج الهجين أقل متوسط خطأ مطلق (MAE) وأدنى جذور متوسط الخطأ التربيعي (RMSE)، متفوقًا على نماذج LightGBM وGRU
لمحة مناخية عن موقع الدراسة
خلال فترة التجربة:
- تراوحت درجات الحرارة من 15.35°C في يناير إلى 36.0°C في يوليو.
- بلغت الرطوبة النسبية ذروتها عند 68.23% في ديسمبر.
- تراوحت شدة الإشعاع الشمسي اليومي بين 3.30 و7.74 ك.و.س/م²/يوم، بمتوسط سنوي 5.64 ك.و.س/م²/يوم.
- وسجلت سرعات الرياح بين 3.71 م/ث في أكتوبر و5.42 م/ث في يونيو.
كيف تم بناء النظام العائم؟
اعتمد النظام العائم على:
- هيكل من الفولاذ المقاوم للصدأ
- براميل بلاستيكية معاد استخدامها
- كتل خرسانية مرساة
- كوابل وخطاطيف لتثبيت النظام في عمق 1.5 متر، وعلى بعد 25 مترًا من الساحل.
دقة غير مسبوقة للنموذج الهجين
أثبت النموذج الهجين (LSTM-BBOA) تفوقه على نماذج أخرى مثل LightGBM وGRU وLSTM فقط. إليكم أبرز النتائج:
توصيات مستقبلية
تشير الدراسة إلى أن الأنظمة الشمسية العائمة تمثل خيارًا واعدًا في المناطق الساحلية، خصوصًا في البلدان ذات المناخ الحار والرطب. كما أنها تسهم في تقليل استهلاك الموارد الخاصة بالتبريد النشط وتحسين كفاءة النظام الكلي، لا سيّما عند دمجها مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين التنبؤ والصيانة والتكامل الشبكي.
تتماشى هذه النتائج مع طموحات رؤية السعودية 2030 في دعم الابتكار في مجال الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الشبكات الذكية.
خلاصة الدراسة
أكد الباحثون أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة مع نظم الطاقة الشمسية العائمة يمكن أن يحدث نقلة نوعية في كفاءة الشبكات الذكية واستدامة إنتاج الطاقة، خاصة في المناطق ذات المناخ الحار والرطوبة المرتفعة، مثل الخليج العربي.
المصدر مجلة [Energy Conversion and Management]، عنوان الدراسة:
“Benchmarking reinforcement learning and prototyping development of floating solar power system: Experimental study and LSTM modeling combined with brown-bear optimization algorithm.”
رابط الدراسة من هنا