هل يمكن للخلايا الشمسية أن تعمل داخل الغرف؟ تجربة علمية تكشف الإجابة

حين تتحول الإضاءة الداخلية إلى مصدر طاقة
في وقت تتسارع فيه تقنيات المدن الذكية وإنترنت الأشياء، تصبح الحاجة إلى حلول طاقة مستقلة وموثوقة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. فما الذي يمكن أن يغذي أجهزة الاستشعار المنتشرة في منازلنا ومكاتبنا دون الحاجة إلى بطاريات قابلة للاستبدال أو أسلاك معقدة؟
الإجابة قد تكمن في ضوء المصابيح ذاتها. ففي دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة البوليتكنيك في كتالونيا – إسبانيا، تم تقييم 12 وحدة كهروضوئية داخلية من 11 شركة مصنّعة، في محاولة لاختبار فعاليتها تحت ظروف الإضاءة الصناعية الشائعة داخل المباني.
تنوع في التقنيات… بين القديم والمتجدد
شملت الخلايا التي خضعت للاختبار مجموعة من التقنيات المختلفة، من بينها:
- الخلايا السيليكونية (أحادية ومتعددة البلورات)
- السيليكون غير المتبلور
- الخلايا العضوية (OPV)
- خلايا بيروفسكايت الحديثة
- الخلايا عالية الكفاءة من النوع III-V
وكان الهدف الأساسي من هذه التجربة هو اختبار قدرة هذه الوحدات على تشغيل أجهزة استشعار صغيرة بمساحة لا تتجاوز 10 سم²، باستخدام الضوء المتاح داخل الأبنية فقط، سواء كان طبيعياً أو صناعياً.
دوافع التجربة: حلول مستقلة للمستشعرات الذكية
الدراسة جاءت في إطار مشروعين بحثيين كانا بحاجة إلى تطوير أجهزة استشعار مستقلة، لا تعتمد على البطاريات التقليدية أو التوصيل الكهربائي المباشر، بل تستمد طاقتها من الإنارة المحيطة.
وكما أوضح الباحث المسؤول Ferran Reverter: “رأينا في الخلايا الشمسية الداخلية حلاً واعداً لتوفير طاقة نظيفة ومستدامة للأجهزة الذكية داخل المباني، دون عناء استبدال البطاريات أو مدّ الكابلات.”
آلية الاختبار: 48 تجربة ضوئية مختلفة
طوّر الفريق نظام اختبار آلي خاص، يُحاكي ظروف الإضاءة الداخلية بدقة، باستخدام أربعة أنواع من المصابيح:
- الفلورسنت المدمج (CFL)
- الهالوجين التقليدي (HAL)
- LED البارد (C-LED)
- LED الدافئ (W-LED)
تم ضبط مستويات الإضاءة ضمن نطاق 100 إلى 1000 لوكس، مع الحفاظ على درجة حرارة تشغيل تبلغ 25 درجة مئوية. وتم تقييم كل وحدة من حيث:
- الكثافة الطاقية
- الكفاءة الكهربائية
- عامل الامتلاء (Fill Factor)
- الاستجابة الخطية للضوء
النتائج: بيروفسكايت وعضوية تتفوقان في الكفاءة والسعر
الكفاءة الأعلى:
خلايا III-V أظهرت أعلى كفاءة وصلت إلى 39% عند 1000 لوكس، خصوصاً تحت إضاءة CFL وLED، لكنها باهظة التكلفة.
الحلول الاقتصادية:
خلايا بيروفسكايت أظهرت كفاءة تصل إلى 22%، بينما سجلت الخلايا العضوية (OPV) كفاءة بلغت 14%، وكلاهما يُعد واعدًا لتطبيقات منخفضة التكلفة.
أداء ممتاز تحت ضوء الهالوجين:
خلايا السيليكون البلوري (أحادية ومتعددة) تفوقت تحت إضاءة الهالوجين بكفاءة بلغت 20%. ويشير الفريق إلى أن الاعتماد الفعلي على هذه التقنيات سيعتمد على مدى توافرها التجاري وتكاليف إنتاجها مستقبلاً.
الخطوة القادمة: نحو إضاءة طبيعية وتكامل إلكتروني
لم تتوقف التجربة عند الإضاءة الاصطناعية، إذ يعمل الفريق حالياً على إجراء اختبارات مماثلة باستخدام الضوء الطبيعي الداخلي. كما يخططون لتطوير دوائر إدارة طاقة منخفضة الاستهلاك، تعمل على تتبع نقطة التشغيل القصوى (MPPT) لكل خلية، مما يعزز من كفاءة الاستخدام النهائي.
الخلاصة: مستقبل الطاقة يبدأ من داخل المباني
تثبت هذه التجربة أن الخلايا الشمسية لم تعد حلاً مقصوراً على الأسطح والأسواق الخارجية، بل يمكنها أن تُضيء مستقبل الأجهزة الذكية في الغرف المغلقة أيضًا. إن استخدام خلايا بيروفسكايت والـ OPV قد يفتح بابًا جديدًا لتوفير الطاقة للأجهزة الذكية والمستشعرات دون حاجة إلى أي مصدر طاقة تقليدي.
المصدر:
نُشرت نتائج هذا البحث في مجلة IEEE Transactions on Instrumentation and Measurement، وتم تلخيصها من تقرير نشرته منصة pv magazine تحت عنوان:“Artificial light tests for indoor PV”
للاطلاع على الدراسة الأصلية، يمكن زيارة الرابط