اخر الأبحاثالإستدامة

هل تقود المرايا البلاستيكية ثورة جديدة في الطاقة الشمسية المركزة؟

في ظل السباق العالمي نحو تقنيات نظيفة تخفّض الانبعاثات الكربونية وتقلّل الاعتماد على الوقود الأحفوري، تبرز مبادرة أسترالية جديدة تحمل وعودًا بتغيير قواعد اللعبة في مجال توليد الحرارة الصناعية باستخدام الطاقة الشمسية المركزة. فهل يمكن لمرايا بلاستيكية خفيفة أن تصبح المفتاح لمستقبل خالٍ من الانبعاثات؟

Image: University of South Australia

ابتكار أسترالي يجمع بين الخفة والكفاءة

تتعاون جامعة جنوب أستراليا (UniSA) مع شركة Impacts Renewable Energy  وجامعة Charles Sturt (CSU)  لإنشاء محطة طاقة شمسية حرارية مركزة (CST) تجريبية في مدينة واغا واغا بولاية نيو ساوث ويلز. تتميز هذه المحطة باستخدام مرايا بلاستيكية خفيفة الوزن، طُوّرت بتقنية متقدمة تعزز من كفاءتها في عكس أشعة الشمس.

تم تزويد هذه المرايا، المطوّرة في “معهد الصناعات المستقبلية” بجامعة  UniSA، بطبقة عاكسة من الألمنيوم والسيليكا، تُرسب باستخدام تقنية التبخير الفيزيائي (PVD) لضمان المتانة والفعالية طويلة الأمد.

The plastic mirrors are 50% lighter than traditional glass-based alternatives. Image: University of South Australia

من حرارة الشمس إلى طاقة الصناعات

تهدف المحطة المطورة إلى توليد حرارة تتراوح بين 100  و400 درجة مئوية، وهي درجات مناسبة لتشغيل العديد من العمليات الصناعية التي تعتمد حاليًا على الوقود الأحفوري مثل البخار والمعالجة الحرارية والتجفيف الصناعي.

وتشير الباحثة الرئيسية في المشروع، الدكتورة  Marta Llusca Jane، إلى أن “الحرارة الصناعية تستهلك نحو 25%  من الطاقة العالمية، وتساهم بنسبة 20%  من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومعظم تقنيات الطاقة المتجددة الحالية لا تستطيع بلوغ درجات الحرارة العالية المطلوبة لهذه العمليات، وهو ما تتيحه هذه التقنية الجديدة بكفاءة عالية”.

تكلفة أقل، وزن أخف، تركيب أسرع

من أبرز مميزات المرايا البلاستيكية المستخدمة:

  • أرخص بنسبة 40%  مقارنةً بتصاميم الطاقة الشمسية المركزة التقليدية.
  • أقل تكلفة بنسبة تصل إلى 70%  مقارنةً بالوقود الأحفوري.
  • أخف وزنًا بنسبة 50%  من المرايا الزجاجية التقليدية.
  • قابلة للتغليف المسطح، ما يُسهّل نقلها وتركيبها في مواقع مختلفة.

يقول مطورو المشروع إن هذا النوع من المرايا يمثل “بديلاً ميسور التكلفة وسهل النقل للأنظمة الحرارية الشمسية التقليدية”، مما يمنحه قابلية تطبيق واسعة النطاق في مناطق نائية أو بيئات زراعية تحتاج إلى حلول طاقة غير معقدة.

من صناعة السيارات إلى تطبيقات الطاقة

البروفيسور Colin Hall، أستاذ الصناعة بجامعة  UniSA، ومخترع تقنية الطلاء المستخدمة، أوضح أن هذه التقنية كانت تُستخدم سابقًا في صناعة السيارات، ولكن يمكن الآن توظيفها في مجالات الطاقة.

وأشار إلى أن “الوقت مناسب للغاية لإطلاق هذه التقنية، خاصةً في ظل أسعار الوقود الأحفوري القياسية، والحاجة الملحّة إلى إزالة الكربون من العمليات الصناعية. كما أن هذا النظام مثالي للمناخ الأسترالي الجاف والحار”.

تمويل حكومي لتحويل الابتكار إلى واقع عملي

حصل المشروع على تمويل من الحكومة الفيدرالية الأسترالية بقيمة 497,250  دولار أسترالي (نحو 317,000  دولار أمريكي) ضمن برنامج “مسرّع الاقتصاد الأسترالي” بقيمة 1.6 مليار دولار أسترالي، وسوف يساهم هذا الدعم في تحويل النموذج الأولي إلى تطبيق صناعي حقيقي.

المرحلة الأولى:

تركيب وحدتين كاملتين من النظام الشمسي، كل واحدة تحتوي على 16  لوحة مرايا بلاستيكية.

المرحلة الثانية (المقترحة):

إنشاء محطة تجريبية تجارية بالشراكة مع شركات زراعية وصناعية، لاختبار التقنية على نطاق أوسع.

هل تكون أستراليا منصة انطلاق عالمية لهذه التقنية؟

تشير الدكتورة Jane إلى أن هذه التقنية بدأت بالفعل تجذب اهتمامًا واسعًا من القطاع الصناعي، وتقول:
“من خلال إثبات فاعلية هذه التكنولوجيا ميدانيًا، نرسي الأساس لنظام طاقة أنظف وأكثر مرونة في أستراليا… وربما في العالم بأسره”.

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري