اخر الأبحاثالطاقة الشمسية

بحثٌ دنماركي جديد يكشف عن الإمكانات الكامنة في خلايا السيلينيوم الشمسية

تحليل متقدم يغيّر النظرة التقليدية نحو خصائص المادة وحدود أدائها الكهروضوئي

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من الجامعة التقنية في الدنمارك عن نتائج واعدة قد تُغيّر من النظرة التقليدية لخلايا السيلينيوم الشمسية، التي طالما اعتُبرت محدودة الكفاءة. ووفقًا للدراسة، فإن الحركية الحقيقية لحوامل الشحنة في السيلينيوم تفوق التقديرات السابقة بشكل لافت، ما يشير إلى إمكانية تحقيق أداء ضوئي عالي لهذا النوع من الخلايا الشمسية البسيطة نسبيًا.

تقنية جديدة لحل تناقضات القياسات الكهروضوئية

اعتمد الباحثون على تقنية تحليلية مبتكرة تُعرف باسم التحليل الفوتو-هول المُفصّل لحوامل الشحنة (Carrier-Resolved Photo-Hall Analysis)، والتي مكّنت الفريق من الحصول على قياسات دقيقة لكل من الحركية والتركيز لكلٍ من الحوامل الرئيسة والثانوية، بصورة متزامنة.

وصرّح الباحث الرئيسي، راسموس نيلسن قائلاً:

“ذهبنا هذه المرة خطوة أبعد في محاولتنا لفهم مصادر الفقد الكهروضوئي والقيود الجوهرية في خلايا السيلينيوم. واستخدمنا هذه التقنية الجديدة لفهم كيف تتغير حركية وكثافة وثبات الثقوب والإلكترونات عند تعريض المادة للضوء.”

نتائج محاكاة تعيد تقييم قدرات خلايا السيلينيوم

سعى الفريق إلى التحقق من صحة القياسات التجريبية لتيار الجهد (JV) وكفاءة الكم الخارجية (EQE) من خلال سلسلة من المحاكاة المعتمدة على خصائص المواد. وقد نجحوا في ذلك، حيث أظهرت النتائج أن حركيات حوامل الشحنة في السيلينيوم أعلى بكثير من التقديرات السابقة، وهو ما يدل على أن الخصائص البصرية والإلكترونية الجوهرية للمادة أفضل مما كان يُعتقد. وخلص الباحثون إلى أن هذه النتائج تُعزز إمكانيات خلايا السيلينيوم الضوئية، رغم التحديات المعقدة لفهم سلوك هذه المادة بدقة.

تصميم دقيق لتجربة القياس

في تجربتهم، استخدم الباحثون شريط سداسي الأقطاب بمساحة فعالة قدرها 2 مم × 4 مم، وسُمك فيلم قدره 0.30 ميكرومتر. وقد صُمم هذا الشريط خصيصًا للحد من فقدان الجهد وتحسين دقة قياسات الجهد.
وأوضح الفريق أن الفيلم الرقيق من السيلينيوم متعدد البلورات تم تصنيعه داخل المختبر باستخدام عملية متقدمة، وقد أظهر بلورات كبيرة الحجم، وهي ميزة تعزز من جودة الخصائص الكهربائية للمادة.

تأثير التمركز السطحي ونتائج تفصيلية من المحاكاة

أظهرت التحاليل أن خصائص حوامل الشحنة تتأثر بظاهرة التمركز السطحي القوي، وأن عمر إعادة الاتحاد الظاهري يبدو مرتفعًا. وقد تم تأكيد هذه النتائج عبر سلسلة من المحاكاة الكهربائية التقليدية، بالتوازي مع تصنيع خلية شمسية رقيقة من السيلينيوم. وأشار الباحثون إلى أن عمر حوامل الشحنة الفعّال، الضروري لعمل الخلية الشمسية، يقع ضمن نطاق البيكوثانية، على عكس التقديرات السابقة التي وضعتها ضمن نطاق النانوثانية. وفسروا هذا التباين بوجود تأخير زمني مقداره 0.5 نانوثانية في تجارب طيف التيراهيرتز  (THz)، ما أدى إلى قياسات غير دقيقة لحركة الحوامل القصيرة العمر.

نحو خلايا سيلينيوم أكثر كفاءة: الحاجة إلى هندسة العيوب

توصل الفريق إلى أن هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة أمام خلايا السيلينيوم الشمسية، شريطة العمل على تقليل الفقد غير الإشعاعي عبر تحسين هندسة العيوب داخل المادة، ما قد يؤدي إلى رفع الكفاءة التشغيلية للخلايا بشكل ملحوظ.

إنجازات سابقة تؤكد الجدوى

تجدر الإشارة إلى أن الفريق ذاته كان قد قدّم في ديسمبر 2022 خلية شمسية من السيلينيوم بمساحة 0.30 سم² سجلت رقمًا قياسيًا عالميًا في الجهد الكهربائي المفتوح بلغ 0.99 فولت. وفي وقت لاحق، أعلن عن تطوير خلية أخرى باستخدام المعالجة الحرارية بالليزر، وحققت تلك الخلية عامل امتلاء قياسي بلغ 63.7%.

خلاصة: السيلينيوم ليس مادة محدودة كما كنا نظن

تقود هذه الدراسة إلى إعادة تقييم شاملة لخلايا السيلينيوم الشمسية، من خلال توفير أدوات قياس جديدة تُبرز الإمكانات الكامنة في هذا الممتص البسيط، الذي طالما نظر إليه باعتباره مادة ذات أداء متواضع. ويبدو أن الطريق أصبح ممهّدًا نحو تحقيق كفاءة أعلى بكثير من المتوقع – إذا ما تم تجاوز العوائق المرتبطة بإعادة الاتحاد غير الإشعاعي والتحكم في خصائص السطح.

المصدر

تستند هذه الدراسة إلى البحث المنشور في مجلة Physical Review B التابعة للجمعية الأمريكية للفيزياء (APS)، والذي يحمل عنوان: “Variable-temperature and carrier-resolved photo-Hall measurements of high-performance selenium thin-film solar cells”.
يمكن الاطلاع على كامل الدراسة عبر الرابط

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري