هل مشاريع الطاقة الشمسية صامتة فعلًا؟ ما لا يخبرك به أحد عن التلوث الضوضائي!

تُصنَّف مشاريع الطاقة الشمسية غالبًا على أنها صديقة للبيئة، نظيفة، وصامتة. لكن ما لا يدركه كثيرون أن مكونات هذه المشاريع— مثل العواكس (inverters) والمحولات (transformers) وأنظمة تخزين الطاقة—قد تُصدر مستويات غير متوقعة من الضوضاء، خاصةً إذا لم تؤخذ الجوانب الصوتية بعين الاعتبار منذ المراحل الأولى من التصميم.
يشير المهندس “مايكل بهتياريان”، خبير الضوضاء لدى شركة Acentech والرئيس السابق لمعهد هندسة التحكم في الضوضاء، إلى أن “الاعتقاد بأن مشاريع الطاقة الشمسية لا تصدر ضجيجًا هو خاطئ تمامًا. جميع مواقع الطاقة الشمسية تحتاج لتحليل صوتي دقيق.”
ما مصدر الضوضاء في المشاريع الشمسية؟
في محطات الطاقة الشمسية، تعد العواكس المركزية ومحولات الجهد العالي في المحطات الفرعية المصادر الأساسية للصوت، وتحديدًا العواكس التي تُشكّل التحدي الأكبر، إذ تنتج ترددات منخفضة يصعب حجبها.
يقول بهتياريان: “كلما كانت الموجة الصوتية أطول (تردد أقل)، كلما كان من الأصعب بناء حاجز فعال لامتصاصها أو عزلها.” وهذا ما يزيد من صعوبة معالجتها، خصوصًا إن لم يتم توقعها وتصميم حلولها مسبقًا.
مناطق سكنية أم صناعية؟ المسألة ليست بهذه البساطة!
إحدى أكثر المشكلات تكرارًا تحدث عند تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية قرب مناطق سكنية. حيث تختلف حدود الضوضاء المسموح بها باختلاف نوع المنطقة — سكنية، تجارية، صناعية — وأيضًا حسب الفترة الزمنية (نهارًا أم ليلًا).
عادةً ما تتراوح حدود الضوضاء في المناطق السكنية بين 40 ديسيبل ليلًا و50 ديسيبل نهارًا. في المقابل، قد تصل إلى 70 ديسيبل في المناطق الصناعية. لكن حتى داخل المنطقة الصناعية، عند الاقتراب من الحدود العقارية لمناطق سكنية، تصبح المتطلبات أكثر تعقيدًا. “أحيانًا، إن كنت على بعد بوصة واحدة من حدود المنطقة السكنية، فإنك بحاجة للامتثال لمعيار 50 ديسيبل، لا 70،” كما يوضح بهتياريان.
ويضيف: “لو تم أخذ الضوضاء بالحسبان منذ اليوم الأول في التصميم، لما واجهت هذه المشاريع مثل هذه الإشكالات.”

التكلفة الخفية: الضوضاء قد تكلّفك سمعة المشروع!
حتى عند التزام المشاريع الشمسية بالمعايير القانونية للضوضاء، فإن الصوت المزعج الذي يصل إلى المنازل المجاورة قد يخلق أزمات مجتمعية وإعلامية، ما يلحق ضررًا بسمعة الصناعة بأكملها. فمثلًا، في ولاية كونيتيكت الأميركية، بدأت شكاوى السكان فور تشغيل مشروع شمسي بقدرة 4.9 ميغاواط، رغم كون المشروع قانونيًا تمامًا.
والنتيجة؟ حين طُرحت مشاريع جديدة في المنطقة، واجهت رفضًا شعبيًا واسعًا، مستندًا على تجربة المشروع السابق الذي لم يُعالَج ضجيجه.
الحلول التقنية موجودة، لكن لا تنتظر اللحظة الأخيرة!
تشير دراسة حديثة من جامعتي لويزيانا وولاية لويزيانا إلى أن وضع العواكس على بعد 45 مترًا على الأقل من الحدود العقارية يساهم في إبقاء الضجيج تحت عتبة 55 ديسيبل نهارًا، بينما تحتاج المحولات لمسافة لا تقل عن 60 مترًا للوصول إلى 45 ديسيبل ليلًا. وعلى الرغم من أن هذه التوصيات “محافظة”، فإنها تعطي خطوطًا عامة يمكن البناء عليها حسب كل موقع.
أنظمة البطاريات: الخطر الجديد غير المقاس!
ومع دخول أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات إلى المشهد، برز تحدٍ جديد: القياسات الصوتية غير الدقيقة. إذ أن الشركات الناشئة المصنعة للبطاريات لم تكتسب بعد الخبرة الكافية لإجراء قياسات ضوضاء وفقًا للمعايير الدولية مثل ISO 3744
يقول بهتياريان: “غالبية بيانات الصوت التي نتلقاها من هذه الشركات غير قابلة للاستخدام. هم يذكرون المعيار لكن لا يطبقونه فعليًا. الأمر تقني ومعقّد أكثر مما يعتقدونه.”
ويضيف أن لجنة المعايير في اتحاد صناعات الطاقة الشمسية (SEIA) تعمل على تطوير إرشادات قياسية تساعد الشركات على إجراء القياسات بشكل صحيح، بدءًا من وحدات البطاريات وحتى محطات التوليد.
نحو ممارسات أكثر مسؤولية في تصميم المشاريع الشمسية
تكامل الصوتيات في التصميم الشمسي لم يعد رفاهية، بل ضرورة لحماية الصحة المجتمعية، وضمان القبول الاجتماعي، والحفاظ على مصداقية قطاع الطاقة المتجددة. فالمشاريع التي تفشل في احتساب الضوضاء في مراحل التخطيط، قد تجد نفسها لاحقًا في دوامة من الشكاوى، والتكاليف الإضافية، والمخاطر القانونية.
الرسالة واضحة: لا تنتظر لحظة تشغيل المشروع لتفكر في الصوت!
المصدر:
تم إعداد هذا المقال بالاستناد إلى تقرير منشور على موقع pv magazine USA بعنوان: “Acoustics for solar harmony”، من إعداد الصحفية سارة وايت (مايو 2024).