بطاريات كارنو: حل واعد لتخزين الطاقة المتجددة عبر التحول الحراري

في ظل الحاجة المتزايدة إلى حلول تخزين فعّالة ومستدامة للطاقة المتجددة، يسلط باحثون من جامعة كويمبرا في البرتغال الضوء على تقنية بطاريات كارنو (Carnot Batteries)، التي تُعد من أكثر تقنيات التخزين الحراري الكهربائية إثارة للاهتمام في الوقت الراهن. وتعتمد هذه البطاريات على تحويل الطاقة الكهربائية الفائضة إلى طاقة حرارية تُخزن في وسائط مثل الماء أو الملح المصهور، ليُعاد تحويلها لاحقًا إلى كهرباء عند الحاجة.
يعتمد مبدأ عمل بطاريات كارنو على دمج المضخة الحرارية (HP – Heat Pump) مع دورة رانكين العضوية (ORC – Organic Rankine Cycle) ، تستخدم المضخة الحرارية لنقل الحرارة من مصدر بارد إلى خزان حراري بدرجة حرارة أعلى، في حين تُستخدم دورة رانكين العضوية لتحويل هذه الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية عبر تبخير سائل عضوي منخفض درجة الغليان وتمريره عبر توربين.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن بطاريات كارنو تُصنف ضمن تقنيات التخزين الحراري الكهربائي (P2H2P)، وهو اختصار يشير إلى تحويل الطاقة الكهربائية (Power) إلى حرارة (Heat) ثم العودة إلى طاقة كهربائية (Power) ، وتكمن ميزة هذا النوع من الأنظمة في استخدام وسائط تخزين حرارية زهيدة التكلفة وعالية الكثافة الحرارية مقارنة بتخزين الكهرباء مباشرة في البطاريات الكيميائية. كما تتيح هذه الأنظمة الاستفادة من الكهرباء الفائضة من مصادر متجددة، ما يُعزز استقرار الشبكة الكهربائية ويدعم التكامل الفعّال للطاقة المتجددة.
يشمل هذا التصنيف أيضًا تقنيات تخزين طاقة حرارية أخرى، مثل أنظمة تخزين الهواء السائل (LAES)، وأنظمة تخزين الطاقة الحرارية المعتمدة على دورات برايتون أو رانكين، وأنظمة لام-هونيغمان التي تستخدم عمليات الامتصاص، بالإضافة إلى أنظمة التسخين المقاومي المتكاملة مع دورات توليد الطاقة. وتُستخدم هذه الأنظمة في تطبيقات متعددة مثل خدمات الموازنة للشبكة، وتخفيض ذروة الأحمال، وأنشطة المتاجرة بالطاقة.
ضمن هذا السياق، طور الباحثون ستة نماذج مختلفة من بطاريات كارنو تجمع بين HP وORC، واستخدموا 16 تركيبة من السوائل الصديقة للبيئة كوسائط عمل لتقييم الأداء من الناحية الطاقية (الإنرچيتية)، والإكسرچيتية (كفاءة تحويل الطاقة المتاحة)، والاقتصادية.
- النظام الأول: أبسط التكوينات، ويجمع بين مضخة حرارية من نوع ضغط البخار (VCHP) ودورة ORC بسيطة.
- النظام الثاني: يضيف مبدّل حراري داخلي (Regenerator) إلى HP
- النظام الثالث: يضيف Regenerator إلى ORC
- النظام الرابع: يدمج Regenerators في كل من HP وORC
- النظام الخامس: يستخدم مضخة حرارية ذات مرحلتين مع غرفة فصل.
- النظام السادس: يستخدم مضخة حرارية ذات مرحلتين مع دورة ORC متجددة.
تمت محاكاة هذه النماذج باستخدام برنامج MATLAB 2024a، مع فرضيات تشمل التشغيل في الحالة المستقرة، وعدم وجود خسائر حرارية أو فقدان في الضغط، وثبات كفاءة الضاغط والمُوسّع، واستخدام الماء كسائل لنقل الحرارة. كجزء من الدراسة، أُجري تحسين أحادي الهدف لكل تركيبة من السوائل والنماذج الستة وفقًا لثلاثة مؤشرات: الكفاءة الطاقية، والكفاءة الإكسرچيتية، والتكلفة. وأظهرت النتائج أن النموذج الرابع HP وORC كلاهما مزود بـ Regenerators ويقدم أفضل أداء شامل. وتحديدًا، بينما كان النظام الأول بأداءه الأساسي الأضعف بين التكوينات.
بعد هذا التحليل، أجريت عملية تحسين متعددة الأهداف للنظام الرابع باستخدام سائل R1233zd(E) في كل من HP وORC وأظهرت النتائج أن التصميم الأمثل يحقق كفاءة تحويل إجمالية (round-trip efficiency) تبلغ 57.43%، وتكلفة تخزين مستوية (LCOS) تبلغ 0.649 يورو/ك.و.س. ويمكن الوصول إلى كفاءة تصل إلى 81.3% عند عدم التركيز على التكلفة، لكن يتبعها تدهور كبير في الأداء.
يشير الباحثون إلى أن هذه النتائج تمثل أداءً نموذجيًا لتجهيز تجريبي صغير النطاق، لكن من المتوقع أن تنخفض التكاليف بشكل كبير عند التوسع في النطاق الصناعي.
نُشرت هذه النتائج في الدراسة المعنونة: Multi-objective optimization and design of a Carnot Battery for energy storage applications في مجلة Energy Conversion and Management: X.
يمكن الاطلاع على الدرساة كاملةً على الرابط
ومن الجدير بالذكر أن فكرة بطاريات كارنو لم تقتصر على هذا الفريق البحثي، حيث اقترح باحثون من الجامعة التقنية في الدنمارك عام 2023 استخدام بطاريات كارنو لتحويل محطات الفحم إلى محطات طاقة متجددة. كما ناقش فريق دنماركي آخر إمكانية استخدامها لتخزين الطاقة المتجددة في البلاد، وخلص إلى أن مساهمتها ستكون فعالة فقط ضمن حدود تكلفة معينة.
خلاصة
تُبرز هذه الدراسة الإمكانات الكبيرة لتقنيات التخزين الحراري في دعم شبكات الطاقة المتجددة، وتحديدًا من خلال بطاريات كارنو المعتمدة على مضخات حرارية ودورات رانكين عضوية. ومع تطور الأبحاث والتحسينات التقنية، قد تلعب هذه البطاريات دورًا محوريًا في البنية التحتية للطاقة النظيفة مستقبلًا.