الطاقة الشمسية

لماذا يُعد تقليل التشويه التوافقي الكلي (THD) في محوّلات الطاقة أمرًا بالغ الأهمية في مشاريع الطاقة الشمسية والتخزين؟

في ظل التوسع الهائل في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة حول العالم، تواجه الشبكات الكهربائية تحديات غير مسبوقة. من أبرز هذه التحديات التحول السريع من التوليد المتزامن التقليدي إلى التوليد اللامركزي غير المتزامن، وهو ما يستدعي تطوير معدات توليد متجددة أكثر تطورًا تتمتع بقدرات دعم متقدمة للشبكة.

في هذا السياق، تلعب محوّلات الطاقة (Inverters) دورًا جوهريًا في أنظمة الطاقة الشمسية والتخزين، حيث لا تقتصر وظيفتها على تحويل التيار المستمر (DC) إلى تيار متردد  (AC)، بل تمتد لتشكّل نقطة الاتصال بين المحطة الشمسية والشبكة، وتتحمل مسؤولية تقديم خدمات ذكية لضمان الاستقرار وتحقيق تكامل فعّال مع الشبكات الذكية.

ووفقًا لتقديرات سوقية، فإنه بحلول عام 2030 سيُربط أكثر من 1,675,000  محوّل أو محوّل-مقوم (Converter)  لتوليد الطاقة المتجددة بالشبكات الكهربائية حول العالم. ومع ذلك، فإن أحد العوامل الفنية الأساسية التي غالبًا ما يُغفل عنها هو التشويه التوافقي الكلي  (THD)، والذي قد يكون له تأثير كبير ومباشر على كفاءة المحطة واستقرار الشبكة.

ما هو التشويه التوافقي الكلي  (Total Harmonic Distortion THD)؟

يشير مصطلح THD إلى نسبة التشويه التوافقي الكلي، وهو مقياس يُستخدم لتقييم جودة الإشارة المتولدة. فعند تحويل الكهرباء من التيار المستمر إلى المتردد عبر محوّلات الطاقة، تُستخدم تقنيات مثل تعديل عرض النبضة (PWM) التي تعتمد على تبديل أشباه الموصلات بترددات عالية لتوليد إشارة تماثل الموجة الجيبية.

ومع ارتفاع تردد التبديل، تزداد دقة الموجة المتولدة، لكنها لا تصل إلى الكمال، مما يسبب انحرافات تُعرف باسم التوافقيات. وكلما زادت نسبة هذه التوافقيات، زادت قيمة  THD، وبالتالي زاد مقدار التشويه في الإشارة الكهربائية.

.Example of harmonics and THD
.Example of harmonics effect in the signal

تأثيرات THD على محطات الطاقة الشمسية

يمكن تلخيص أبرز التأثيرات السلبية للتشويه التوافقي في ثلاث نقاط رئيسية:

  1. زيادة الفاقد الكهربائي: تؤدي التوافقيات إلى ارتفاع معدلات الخسائر في الكابلات، المحولات، والمكونات الأخرى.
  2. تقصير العمر التشغيلي: تسارع في تآكل المعدات وتعرضها لجهد حراري متكرر.
  3. ضعف الأداء العام: تأثر جودة الطاقة المنتجة وبالتالي انخفاض الكفاءة الفعلية.

دراسة حالة: أثر THD على الطاقة المنتجة في محطة شمسية

أظهرت دراسة مقارنة بين محطتين شمسيتين متطابقتين في التصميم والقدرة الاسمية، ولكن باختلاف في مستويات THD للمحوّلات، أن المحطة ذات THD الأعلى أنتجت طاقة أقل رغم تقارب THD العام على مستوى المحطة بفضل تقنيات تعويض التوافق الطوري بين المحولات.

الاستنتاج الأساسي هو أن THD  العالي في المحوّلات الفردية يؤثر سلبًا على الطاقة الصافية عند نقطة الربط  (POI)، حتى لو بدا أن المحطة ككل تعمل عند مستوى مقبول من التشويه.

ما هي القيم المعيارية المقبولة لـ THD؟

تحدد المعايير الدولية مثل IEEE 519  وIEC 61000-3-2  الحد الأقصى المسموح به لـ THD عند نقطة الربط بـ 5%. أما المعايير الألمانية والبريطانية فهي أكثر تشددًا، وتضع الحد الأقصى عند 3%.

.Current & voltage harmonics distortion limits of the PV systems

ومع ذلك، فإن معظم هذه المعايير تقيّم التوافقيات حتى التوافقي رقم 50 فقط (أي حتى 2.5 كيلوهرتز في شبكات 50 هرتز)، في حين أن ترددات التبديل في المحوّلات الحديثة قد تصل إلى 125 أو حتى 150 كيلوهرتز، مما يعني أن جزءًا كبيرًا من التوافقيات لا يتم قياسه أو تقييمه رسميًا.

لماذا تعتبر المحوّلات منخفضة THD مهمة؟

لأن انخفاض THD لا يعني فقط جودة أعلى في الموجة الكهربائية، بل أيضًا:

  • خسائر كهربائية أقل
  • كفاءة إنتاجية أعلى
  • أداء أفضل للمحولات وتقليل تآكلها
  • استقرار أكبر على مستوى الشبكة
  • تحسين في تكلفة الكهرباء المنتجة (LCoE)

محوّلات Proteus من Gamesa Electric: تصميم لتحقيق THD فائق الانخفاض

تُعد محوّلات Proteus مثالًا متقدمًا على التصميم الموجه نحو تقليل THD بشكل استثنائي، حتى عند الترددات العالية، ويعود ذلك إلى ثلاثة أعمدة أساسية:

  1. التصميم العتادي (Hardware)

مرشحات تمرير منخفض (Low-pass filters) دقيقة عند مخرج المحوّل تعمل على تقليل التوافقيات العالية بكفاءة. كما تتضمن المحوّلات مرشحات خاصة للترددات العالية جدًا تتجاوز ما تغطيه المعايير القياسية.

  1. الخوارزميات البرمجية (Software):

تقنيات تحكم متقدمة تعتمد على إلغاء انتقائي للتوافقيات واستراتيجيات تبديل محسّنة لضمان تشويه أدنى.

  1. الاختبارات والتحقق (Validation):

تخضع المحوّلات لاختبارات صارمة تشمل ترددات حتى 125 كيلوهرتز في شبكة 50 هرتز، و150 كيلوهرتز في شبكة 60 هرتز، مما يتيح للمصنّعين الآخرين مثل منتجي المحولات تحسين تصاميمهم تبعًا لتلك البيانات.

وقد أظهرت النتائج أن محوّلات Proteus تحقق:

  • THD  أقل من 1% عند جميع مستويات الحمل ولغاية التوافقي رقم 50
  • THD  يبلغ 0.7% عند التوافقي رقم 200
  • THD  بمقدار 1.0% عند 125 كيلوهرتز (935Vdc) و1.1% عند 1300Vdc

خاتمة

إن تقليل التشويه التوافقي الكلي (THD) في أنظمة الطاقة الشمسية لا يقتصر فقط على تحسين جودة الطاقة، بل يمتد تأثيره المباشر إلى تقليل الخسائر الكهربائية، وزيادة الإيرادات الناتجة عن تحسين كفاءة الإنتاج. كما أن له فوائد غير مباشرة تتمثل في تعزيز موثوقية المحولات، وتقليل إجهادها الحراري، إضافة إلى تحسين استقرار الشبكة الكهربائية.

تُسهم هذه العوامل مجتمعة في تحسين تكلفة الكهرباء المنتجة (LCoE) للمحطة، مما يجعل المشروع أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية. ومع ذلك، يبقى من الصعب قياس هذا التأثير بدقة نظرًا لغياب المعايير الفنية المتعلقة بقياس التوافقيات عند الترددات العالية — وهو ما يستدعي تحديث الأطر المعيارية لتواكب الواقع التقني.

 

📘 المصدر:
GAMESA ELECTRIC · WHITE PAPER
Unlocking the Hidden Benefits of Ultra-Low THD Inverters in Solar and Storage Projects
May 2024

للاطلاع على الورقة كاملةً على الرابط من هنا

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري