هل تصبح مضخات الحرارة الشمسية الهجينة مستقبل التدفئة؟

في سياق البحث عن حلول أكثر كفاءة واستدامة لتدفئة المنازل باستخدام الطاقة المتجددة، أجرى فريق بحثي دولي بقيادة معهد كارلسروه للتكنولوجيا (KIT) في ألمانيا تقييمًا شاملًا لأنظمة مضخات الحرارة الهجينة المدعومة بألواح شمسية حرارية-كهروضوئية (PVT-SAHPs) مخصصة للمنازل في ثلاث مدن ألمانية مختلفة: ميونيخ، برلين، وهامبورغ.
تهدف الدراسة إلى تحديد التكوينات المثلى من حيث الأداء الطاقي، والجدوى الاقتصادية، والأثر البيئي، وذلك عبر محاكاة 54 تكوينًا مختلفًا باستخدام برنامج MATLAB، في ظل بيانات مناخية وتشغيلية واقعية.

منهجية الدراسة: أنظمة غير مباشرة التمدد بتصميم موازٍ
حللت الدراسة أنظمة تعتمد على مبدأ التمدد غير المباشر (IDX) حيث يتم تسخين خزان التخزين عبر دائرتين مستقلتين:
- الأولى من خلال ملف غاطس متصل بالألواح الشمسية الحرارية-الكهروضوئية
- والثانية عبر مبادل حراري خارجي قادم من دورة مضخة الحرارة
يوفر هذا الخزان الطلب على كلاً من المياه الساخنة المنزلية (HWD) والتدفئة الداخلية (SHD) من خلال مبدلين حراريين منفصلين.
تكوينات النظام: 54 خيارًا مختلفًا
شملت الدراسة دمجًا منظمًا للمتغيرات التالية:
- ثلاثة أنواع من المبردات: R32 ، البروبان، وR410A
- ثلاث درجات حرارة تصميمية خارجية: -9.2°C ، -8.3°C، -6.1°C
- ثلاث فروقات حرارية عند نقطة الضغط الحراري(Pinch Point): 3°C، 5°C، 10°C
- مستويان للإنتاج الحراري 5,500 واط، و7,000 واط
تم استخدام ألواح PVT بمساحة 1.55 م² لكل منها، بكفاءة كهربائية قدرها 16% وكفاءة حرارية بلغت 51%. كما تم افتراض تركيب 32.9 م² من هذه الألواح على سطح كل منزل بمساحة 93.1 م² (منها 89.1 م² من الأرضيات المدفأة).

أبرز النتائج: مساهمة شمسية ملحوظة وجدوى اقتصادية محدودة
أظهرت النتائج أن الأنظمة استطاعت:
- تغطية نحو 39% من الطلب السنوي على التدفئة في ميونيخ، وهي أعلى نسبة من بين المدن الثلاث.
- توفير حوالي نصف استهلاك الأجهزة الكهربائية السنوي من الطاقة الشمسية.
- بالرغم من ذلك، لاحظ الباحثون وجود فجوة موسمية بين إنتاج الطاقة الشمسية والطلب على الحرارة، حيث كانت مساهمة الطاقة الشمسية منخفضة شتاءً واعتماد النظام على كهرباء الشبكة مرتفعًا، بينما تحقق فائض شمسي صيفًا لا يمكن استغلاله بالكامل.
الجدوى الاقتصادية والبيئية: فقط خياران مجديان
رغم العدد الكبير من التكوينات التي تم تقييمها، لم تُظهر سوى نظامين فقط قيمة حالية صافية موجبة (NPV) وفترة استرداد تقل عن العمر الافتراضي (20 عامًا تقريبًا):
- التكوين عالي الأداء باستخدام المبرد R32 حقق NPV = 960 يورو وفترة استرداد = 19.3 سنة
- التكوين المماثل باستخدام البروبان حقق NPV = 255 يورو وفترة استرداد = 19.8 سنة
ووفقًا للباحثين، فإن هذه التكوينات كانت الأفضل من حيث الأداء الطاقي والبيئي والاقتصادي، بينما فشلت التكوينات الأرخص في تحقيق عوائد مجدية، رغم انخفاض تكلفتها الأولية. كما أشاروا إلى أن مضخات الحرارة التقليدية أو الغلايات العاملة بالغاز لم تتمكن من منافسة تكلفة الطاقة المستوية (LCOE) للنظام الشمسي الهجين إلا في حال توفر أسعار كهرباء أو غاز منخفضة للغاية.
توصيات استراتيجية: تقليل الفجوة الموسمية وتعزيز كفاءة الأنظمة
أكدت الدراسة أن:
- تحقيق تغطية أكبر للطلب عبر الطاقة الشمسية يؤدي إلى أداء اقتصادي وبيئي أفضل.
- هناك حاجة إلى حلول ذكية لتخزين الطاقة أو إدارة الأحمال لتجاوز فجوة التوقيت بين التوليد والطلب.
- يُعد اختيار المبرد المناسب عاملاً محوريًا، حيث تفوق أداء R32 في معظم السيناريوهات.
خلاصة تحليلية:
توفر نتائج هذه الدراسة دليلًا علميًا على أن دمج تقنيات PVT مع مضخات الحرارة يمثل خيارًا واعدًا لأنظمة التدفئة المستدامة في المناخات الأوروبية، بشرط الانتباه للتصميم الحراري، واستراتيجية التخزين، واختيار المبرد الأنسب. ورغم التحديات الاقتصادية الأولية، إلا أن هذه الحلول تتجه لتكون أكثر جاذبية على المدى البعيد، خصوصًا في ظل التغيرات المناخية وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والدعم المتزايد لسياسات إزالة الكربون في القطاع السكني.
📚 المرجع العلمي:
Hugo Arnesson, Andreas V. Olympios, Asmaa A. Harraz, Jingyuan Xu,
Comprehensive energy, economic, and environmental analysis of a hybrid photovoltaic-thermal (PVT) heat pump system,
Energy, 2025, 136563, ISSN 0360-5442,
https://doi.org/10.1016/j.energy.2025.136563
رابط مباشر للورقة البحثية