الإستدامةالطاقة الشمسيةالهيدروجين وتخزين الطاقةركن المبتكرين و قادة طاقة المستقبل

هل تعيد الطائرات الهجينة بدون طيار رسم مستقبل الطيران منخفض الارتفاع؟

مقدمة: تحالف تقني بين الشمس والهيدروجين

في خطوة تعكس توجه صناعة الطيران نحو الطاقة النظيفة، أعلنت شركتا H3 Dynamics  وXSun الفرنسيتان عن شراكة استراتيجية لتطوير نظام طيران مستقل يجمع بين الطاقة الشمسية والهيدروجين والبطاريات، هذا الابتكار يستهدف الطائرات بدون طيار (UAS) منخفضة الارتفاع، ويهدف إلى تجاوز قيود الطيران التقليدي من حيث المدى والكفاءة والاعتماد على الوقود الأحفوري.

ثلاثية طاقة متكاملة: من الشمس إلى الجو

يرتكز النظام الجديد على دمج ذكي بين الطاقة الشمسية والبطاريات وخلايا الوقود الهيدروجينية، ففي أثناء توفر ضوء الشمس، تولّد خلايا شمسية رفيعة مدمجة في الأجنحة الكهرباء لدعم النظام، وعند الإقلاع، تؤمن البطاريات القدرة القصوى، بينما توفر خلايا وقود هيدروجينية مصغرة طاقة مستمرة لمرحلة الطيران الطويل.

هذا التكوين المتكامل يسمح بتوفير الطاقة بشكل ديناميكي يواكب متطلبات الطيران المختلفة، ويحقق كفاءة أعلى ومدى أطول ووزنًا أقل، وهي عناصر حاسمة لطائرات خفيفة مستقلة.

Image Source: https://www.pv-magazine.com

 منظومة تحكم دقيقة بالطاقة: العقل المركزي للطائرة

لفتت الشركتان إلى تطوير نظام إدارة طاقة متكامل أشبه بشبكة طاقة مصغّرة (Micro-grid) ، هذا النظام يوزع الطاقة بذكاء بين المصادر الثلاثة ويُبقي الطائرة في حالة تحليق مستقرة مهما تغيرت الظروف الجوية أو متطلبات الأداء. كما يُعتبر هذا النهج واعدًا في تمكين تحليق الطائرات بدون طيار والأثقل وزنًا، بما يشمل طائرات الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL) أو قصير المدى (STOL)

جاهزية ميدانية: منظومة متنقلة لتعبئة الهيدروجين

أعلنت XSun أنها ستقدّم ضمن سلسلة منتجاتها القادمة منظومة كاملة تشمل الطائرات الهجينة ومحطة تعبئة هيدروجينية متنقلة يمكن نشرها مباشرة في مواقع التشغيل. هذا التوجه يقلل الحاجة للبنية التحتية الدائمة، ويمكّن من استخدام الطائرات في بيئات نائية أو مهمات استجابة عاجلة.

وتأتي هذه الخطوة استكمالًا لتجربتها السابقة في تطوير طائرة بدون طيار خفيفة تعمل بالطاقة الشمسية، بوزن 29 كجم وحمولة 4 كجم، وقدرة تحليق وصلت إلى 12 ساعة و600 كم بفضل ألواح شمسية بقدرة 400 واط.

الهيدروجين: وقود المستقبل في الطيران المستقل

يُعد الهيدروجين خيارًا جذابًا للطيران الكهربائي نظرًا لكثافة طاقته العالية مقارنة بالبطاريات، وسرعة تعبئته، وإمكاناته الكبيرة في تقليل الانبعاثات، تمتلك شركة  H3 Dynamics خبرة طويلة في تطوير أنظمة خلايا الوقود الهيدروجينية، بما يشمل الأنظمة المبردة بالهواء للأحجام الصغيرة والمبردة بالسائل للأحجام الكبيرة، وقد سجلت الشركة أفضل مؤشرات الكفاءة مقابل الوزن عالميًا.

نحو تطبيقات أوسع للطائرات الهجينة

يمتد أثر هذا التطوير إلى مجموعة واسعة من الاستخدامات المحتملة، منها:

  • المراقبة البيئية والزراعية في المناطق الوعرة.
  • أمن الحدود والمنشآت عبر طائرات مستقلة بعيدة المدى.
  • الاستجابة للكوارث بقدرات طيران طويلة وبدون الحاجة لإعادة الشحن.
  • خدمات الاتصالات أو الاستطلاع في مواقع يصعب الوصول إليها.

تؤكد هذه الإمكانيات أن هذا النوع من الطائرات يمكن أن يصبح أداة رئيسية في التحوّل الرقمي للطيران، خصوصًا في البيئات التي يصعب فيها توفير الطاقة أو التزود التقليدي بالوقود.

تحديات مستقبلية وفرص واعدة

رغم الإمكانيات المبشرة، هناك تحديات تقنية يجب التعامل معها، مثل:

  • فعالية الألواح الشمسية في ظل تغيّر الضوء أو ظروف الغبار.
  • أمان أنظمة تخزين الهيدروجين في ظروف التشغيل المختلفة.
  • التكامل بين مكونات الطاقة الثلاثة دون فقد في الكفاءة أو تعقيد في التحكم.

لكن هذا التوجه يعكس فهمًا عميقًا للتحولات في قطاع الطيران، إذ يتجاوز مجرّد “تمديد مدة التحليق” إلى بناء منظومة مستدامة ومستقلة وذكية.

خاتمة: نحو طيران أنظف وأكثر استقلالية

ما تطرحه H3 Dynamics وXSun  ليس مجرد تطوير تقني، بل نموذج عمل جديد يجمع بين الابتكار الهندسي، واستدامة التشغيل، وسهولة النشر في الميدان. هذه الشراكة تمثل خطوة عملية نحو مستقبل الطيران منخفض الانبعاثات، وتفتح المجال أمام استخدامات أكثر مرونة وفعالية في قطاع متعطش للحلول النظيفة والعملية.

📚 المصدر:

المقال مستند إلى ما نُشر على منصة PV Magazine  في يونيو 2025 على الرابط

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري