هل تصبح خلايا CdTe الخيار الأمثل لطاقة الأقمار الصناعية؟

مع تزايد الاعتماد على الأقمار الصناعية في الاتصالات، والمراقبة الأرضية، واستكشاف الفضاء، أصبح تأمين مصادر طاقة فعالة وخفيفة أحد أكبر التحديات التقنية. في هذا السياق، يقود فريق بحثي من جامعتي سوانزي ولوفبرو في المملكة المتحدة مبادرة طموحة لتطوير نوع جديد من الخلايا الشمسية المصنوعة من مادة كادميوم تيلورايد (CdTe) ، وتتميز هذه الخلايا بكونها فائقة الخفة والمرونة، ما يجعلها مثالية للاستخدام في الفضاء. فهل يمكن أن تُحدث هذه التقنية نقلة نوعية في مستقبل الطاقة خارج الأرض؟
خلايا شمسية أخف وزناً… وأكثر كفاءة
يهدف المشروع إلى إنتاج خلايا شمسية رفيعة للغاية بقدرة تحويل للطاقة الشمسية تصل إلى 20%، وهي نسبة عالية ضمن الظروف الفضائية، وتحديدًا حسب معيار يعرف باسم AM0، الذي يُستخدم لتقييم أداء الخلايا خارج الغلاف الجوي. كما تتميز هذه الخلايا بقدرتها النوعية العالية، حيث تنتج 1.6 كيلوواط لكل كيلوغرام من الوزن، وهو ما يتيح استخدامها في مهام تتطلب تجهيزات خفيفة دون التضحية بالأداء. الدكتور دان لامب، من مركز أبحاث الطاقة الشمسية في جامعة سوانزي، أوضح أن هذه التقنية تستفيد من خاصية طبيعية هامة في مادة CdTe، وهي مقاومتها العالية للإشعاعات الفضائية، مما يزيد من عمرها التشغيلي ويجعلها خياراً مثالياً للبعثات طويلة الأمد.
تصميم ذكي يجمع بين الحماية والخفة
ما يجعل هذه الخلايا فريدة من نوعها هو أنها تُصنع على طبقة زجاجية مرنة ورقيقة تعمل في الوقت نفسه كداعم ميكانيكي وكغطاء واقٍ من الإشعاع، مما يُلغي الحاجة إلى طبقات إضافية ثقيلة. وقد طُورت هذه الطبقة بالشراكة مع شركة Teledyne Qioptiq البريطانية المتخصصة في الزجاج المؤهل لتطبيقات الفضاء.
تجربة عملية في المدار تؤكد الموثوقية
قبل الشروع في هذا المشروع الجديد، تم اختبار تكنولوجيا CdTe في مهمة فضائية سابقة من خلال قمر صناعي صغير باسم AlSat-1N، أُطلق عام 2016. وقد أظهرت الخلايا أداءً مستقرًا في مدار الأرض المنخفض، وهو ما وفر قاعدة بيانات قوية لتطوير النسخة القادمة من هذه التقنية.
تحسينات تقنية لرفع الأداء
يعمل الباحثون حالياً على دمج عنصر السيلينيوم مع مادة CdTe لتكوين خلايا من نوع CdSeTe، والتي تُظهر قدرة أكبر على امتصاص أشعة الشمس. كما سيتم إضافة طبقة عازلة من أكسيد الزنك بين المكونات الداخلية للخلايا لتقليل الخسائر الكهربائية، إلى جانب طبقات مضادة للانعكاس تُستخدم لزيادة كمية الضوء الممتص داخل الخلية. هذه التحسينات مستوحاة من مشروع مشترك مع جامعة لوفبرو ركّز على تطوير طبقات فعالة للإصدار الضوئي داخل الخلية.

حجم أصغر… وتكاليف إطلاق أقل
من أبرز مزايا هذه الخلايا أنها قابلة للطي والتخزين في حيز صغير جداً، ما يعني أنها لا تحتاج لمساحات كبيرة على الأقمار الصناعية. هذا يفتح المجال أمام تصميمات أكثر مرونة وابتكاراً، ويساهم في تقليل تكلفة إطلاق الأقمار الصناعية، التي تعتمد على الوزن والحجم. كما أن خفة هذه الخلايا تجعلها خياراً مثالياً لمهام التصنيع الفضائي أو الاتصالات المدارية طويلة الأجل.
منافس قوي للتقنيات التقليدية باهظة الثمن
الخلايا الشمسية المستخدمة حالياً في الفضاء هي من نوع متعدد الوصلات (multi-junction)، وتُعرف بكفاءتها العالية، لكنها مكلفة ومعقدة التصنيع. في المقابل، توفر خلايا CdTe الجديدة بديلاً أكثر بساطة، وأقل تكلفة، وأسهل في التصنيع بكميات كبيرة، مع مقاومة ممتازة للإشعاع، مما يجعلها حلاً واعداً لتوسيع استخدام الطاقة الشمسية في الفضاء.
تحالف بحثي صناعي يقود الابتكار
يحظى هذا المشروع بدعم من مجلس أبحاث العلوم الهندسية والفيزيائية (EPSRC) التابع لـ UKRI، ويشارك فيه شركاء من القطاع الصناعي، منهم:
- شركة 5N Plus الكندية لتوريد المواد عالية النقاء
- CTF Solar الألمانية
- مركز MTC للتصنيع
- شركة Aixtron المتخصصة في أجهزة التصنيع بالبخار الكيميائي
- مؤسسة Satellite Applications Catapult البريطانية
هذا التحالف العلمي والصناعي يعكس نهجًا متكاملاً بين البحث والتطبيق لتلبية الطلب المتزايد على حلول طاقة ذكية وميسورة الكلفة في قطاع الفضاء.
خاتمة: خطوة استراتيجية نحو فضاء أكثر استدامة
مع تصاعد عدد المهام الفضائية وتوسع سوق الأقمار الصناعية الصغيرة، تصبح الحاجة إلى أنظمة طاقة مرنة وفعالة وموفرة في الكلفة ضرورة ملحة. وهنا تبرز خلايا CdTe البريطانية كخيار استراتيجي لتلبية هذا الطلب. فهي تجمع بين الابتكار التقني، والجدوى الاقتصادية، والموثوقية في البيئات القاسية، ما يؤهلها لتكون لاعباً أساسياً في مستقبل الطاقة الشمسية خارج كوكب الأرض.
📚 المصدر:
pv magazine – تقرير بعنوان:
“UK researchers developing new type of cadmium telluride PV panels for space applications“