هل تسير الطاقة المتجددة على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التوسع بحلول 2030؟

شهد العالم في السنوات الأخيرة تحولاً متسارعاً نحو مصادر الطاقة المتجددة، مدفوعًا بتحديات تغير المناخ، وتزايد الطلب على الكهرباء، وانخفاض تكاليف التقنيات الحديثة. وقد كشفت الإحصائيات العالمية لعام 2023 و2024، الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة  (IRENA)، عن صورة مختلطة من التقدم السريع في بعض المجالات، والتباطؤ في أخرى، ما يثير تساؤلات حول مدى القدرة على تحقيق هدف مضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030.

 حصة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء عالميًا

في عام 2023، شكّلت مصادر الطاقة المتجددة 29.9%  من إجمالي الكهرباء المُولَّدة عالميًا، بإجمالي بلغ 8,928  تيراواط ساعة. بالمقابل، جاء 70.1%  من الكهرباء (أي 20,939  تيراواط ساعة) من الوقود الأحفوري والطاقة النووية والتخزين بالضخ ومصادر غير متجددة أخرى، ليبلغ إجمالي التوليد العالمي 29,867  تيراواط ساعة.

تشير الأرقام إلى نمو متوسط في توليد الكهرباء العالمي بنسبة 2.5%  سنويًا خلال الفترة بين 2012 و2023. لكن الملفت أن التوسع في الكهرباء المتجددة تجاوز هذا المعدل بوضوح، حيث بلغ 5.9%  كمعدل نمو سنوي مركب (CAGR)، مقارنة بـ 1.3%  فقط لمصادر الكهرباء غير المتجددة. وفي عام 2023 وحده، نما توليد الكهرباء المتجددة بنسبة 5.6%  مقارنة بعام 2022، بينما لم تتجاوز الزيادة في الكهرباء غير المتجددة 1.2%.

 الرياح والشمس في الصدارة

منذ عام 2010، تصدرت الطاقة الشمسية والرياح نمو الكهرباء المتجددة عالميًا. وفي 2023، شكّلت مصادر الطاقة المتغيرة (الرياح والشمس) 13.2%  من إجمالي مزيج الكهرباء، بزيادة ملحوظة بنسبة 15.7%  مقارنة بعام 2022.

ما تزال الطاقة الكهرومائية تتربع على عرش مصادر الكهرباء المتجددة، بإجمالي 4,270  تيراواط ساعة، رغم تراجعها بنسبة 1.6%  مقارنة بـ2022. أما طاقة الرياح فقد سجلت إنتاجًا بلغ 2,304  تيراواط ساعة بنمو 9.8%، في حين واصلت الطاقة الشمسية أداءها الاستثنائي بنمو سنوي قدره 25.2%  لتصل إلى 1,624  تيراواط ساعة، وهو أعلى معدل نمو سنوي منذ عام 2018.

بقية المصادر المتجددة ساهمت بحصص أقل:  الكتلة الحيوية أنتجت 632  تيراواط ساعة (+1.4%)، الطاقة الحرارية الجوفية 98  تيراواط ساعة، والطاقة البحرية حوالي 1 تيراواط ساعة فقط.

التحولات الإقليمية في توليد الكهرباء المتجددة

تفاوت أداء المناطق الجغرافية في استخدام وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير في 2023:

• آسيا تصدّرت الإنتاج بـ 4,008  تيراواط ساعة (+6.9%)، رغم انخفاض حصة الطاقة الكهرومائية.
• أوروبا أنتجت 1,626  تيراواط ساعة (+11.4%)  بفضل نمو مشترك في الرياح والشمس والمياه.
• أمريكا الشمالية سجلت تراجعًا بنسبة 2.9%  إلى 1,452  تيراواط ساعة.
• أمريكا الجنوبية: 1,009  تيراواط ساعة (+6.0%)، معظمها من المياه.
• أوقيانوسيا: 134  تيراواط ساعة (+18.8%)، وهي من أعلى معدلات النمو النسبي.
• الشرق الأوسط شهد قفزة بـ 35%  ليصل إلى 62  تيراواط ساعة.
• أفريقيا: 216  تيراواط ساعة (+4.5%)؛ أوراسيا: 369  تيراواط ساعة (+1.8%)؛ أما أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي فقد سجلت انخفاضًا بنسبة 8.0%

من حيث نسبة الاعتماد على الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء:

• أمريكا الجنوبية جاءت في الصدارة بـ 76.8%، معظمها من المياه.
• أوروبا: 46.2%  مع تنوع كبير بين المصادر.
• أوقيانوسيا : 40.7%
• آسيا وأمريكا الشمالية: 26.6%
• أفريقيا وأوراسيا:  24.1%
• الشرق الأوسط بقي في المؤخرة بـ 4.3%  فقط.

 أداء G7 وG20

كل من مجموعتي G7  وG20  ما تزالان تنتجان حصة أقل من المتوسط العالمي للكهرباء المتجددة. في 2023، بلغت حصة الطاقة المتجددة في دول G20 نحو 28.9%، ودول G7 نحو 29.5%  ، وتوزعت مصادر التوليد المتجدد في G20 بين43.9%  كهرومائي، 28.5% رياح، 19.6% شمس، 7.1% مصادر أخرى. أما في G7 فالنسب كانت متقاربة، مع تركيز أكبر على الرياح والطاقة الشمسية.

 قدرات الطاقة المتجددة في 2024

في عام 2024، تم تعديل سعة الطاقة المتجددة العالمية إلى 4,443  جيجاواط، أي 4.4  تيراواط، بعد تخفيض طفيف بسبب مراجعة قدرات المياه والرياح، يقابله رفع في قدرات الشمس والكتلة الحيوية. هذا يمثل 46.2% من إجمالي القدرات الكهربائية في العالم، البالغة 9.6  تيراواط.

سجلت القدرة المتجددة نموًا غير مسبوق بنسبة 15.1% عن عام 2023، بينما واصلت الطاقة الشمسية تصدرها بحصة 42%  (1,866 جيجاواط)، تليها الطاقة الكهرومائية (28.7%)، الرياح (25.5%)، والكتلة الحيوية (3.4%)  ، زادت حصة الطاقة المتغيرة (الشمس + الرياح) إلى 67.5%  من إجمالي القدرات المتجددة.

تمّت إضافة 582  جيجاواط من القدرات المتجددة الجديدة في 2024، وهو أكبر رقم مسجل حتى الآن، شكلت فيه الشمس والرياح 97.5%  من الإضافات الجديدة.

أين نقف من هدف النمو؟

رغم النمو القوي، إلا أن التقدم لا يكفي لتحقيق هدف مضاعفة القدرة المتجددة ثلاث مرات إلى 11.17 تيراواط بحلول 2030 بمعدل النمو الحالي (15.1%)، ستصل القدرة إلى 10.3  تيراواط فقط، أي أقل بـ 0.9 تيراواط من المطلوب.

ويُظهر المسار التاريخي (2018–2023) نموًا سنويًا قدره 10.4%، ما يقود إلى 8.0  تيراواط فقط بحلول 2030 — بفجوة تبلغ 28%.  للوصول إلى الهدف، يتطلب الأمر الآن تحقيق نمو سنوي لا يقل عن 16.6% حتى نهاية العقد.

 توليد الحرارة المتجددة: الحلقة الأضعف

في عام 2023، مثّلت مصادر الطاقة المتجددة 6.2%  فقط من إجمالي توليد الحرارة عالميًا، بإجمالي 919 بيتاجول، مقارنة بـ 13,965  بيتاجول من مصادر غير متجددة. ما تزال الكتلة الحيوية تهيمن بنسبة 90.6% من الحرارة المتجددة. أوروبا تقود توليد الحرارة المتجددة بنسبة 30.2%  من إجمالي حرارتها، في حين تكاد آسيا وأوراسيا لا تتجاوز 0.5%

الخلاصة

رغم التقدم اللافت في قدرات وتوليد الكهرباء من مصادر متجددة، لا يزال العالم بحاجة إلى تسريع وتيرة الاستثمار والتوسع في المشاريع الخضراء، خصوصًا في مجالات الحرارة الصناعية والطاقة المتغيرة. ويبدو أن تحقيق هدف المضاعفة الثلاثية بحلول 2030 ممكن فقط إذا تحركت الدول بمعدلات نمو أسرع وأكثر استدامة.

📚  المصدر:
Renewable energy highlights from Renewable Energy Statistics 2025, IRENA