الإستدامةالطاقة الشمسية

كيف تُسهم فتحات الإطار في خفض درجة حرارة الألواح الشمسية؟ أحدث ما توصلت إليه الأبحاث في تقنيات التبريد السلبي

مقدمة

تشهد تكنولوجيا الطاقة الشمسية تطورًا متسارعًا، إلا أن أحد التحديات التقنية المستمرة هو ارتفاع درجة حرارة الألواح الكهروضوئية  (PV)، وهو عامل يخفض الكفاءة ويقلل العمر التشغيلي للألواح، وخصوصًا في البيئات الحارّة مثل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي هذا السياق، قدّمت مجموعة من العلماء في الصين حلًا بسيطًا لكنه فعّال: تخريم إطار اللوح الشمسي لتعزيز التبريد بالهواء بشكل طبيعي دون أي طاقة إضافية.

الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في Case Studies in Thermal Engineering  تُعدّ واحدة من أكثر الدراسات شمولًا حول تأثير فتحات الإطار على التبريد السلبي، وهي مدعومة بمحاكاة CFD Computational Fluid Dynamics ثلاثية الأبعاد وتجارب ميدانية دقيقة.

The experimental setup Image: Northeast Electric Power University, Case Studies in Thermal Engineering, CC BY 4.0

لماذا ترتفع حرارة الألواح الشمسية؟ ولماذا نبحث عن تبريد سلبي؟

تعمل الخلايا الشمسية بكفاءة أعلى عند درجات حرارة منخفضة؛ فكل زيادة بمقدار 1°C  فوق الحد المثالي تُقلل القدرة الكهربائية بنسبة قد تصل إلى 0.3% – 0.5%. وفي المناطق الحارة، قد تتجاوز حرارة اللوح 70°C، مما يقلل الإنتاجية ويزيد التدهور الحراري لمكوّنات اللوح.

إن التبريد النشط (مثل المراوح والمياه) مكلف وغير عملي. لذلك اتجهت الأبحاث إلى التبريد السلبي كخيار اقتصادي عالي الاعتمادية، يعتمد فقط على تحسين حركة الهواء حول اللوح.

كيف تعمل فتحات الإطار للوح الشمسي؟

تعتمد الفكرة على تسهيل مرور الهواء عبر إطار اللوح بدلًا من بقائه محاصرًا في الجهة الخلفية، مما يحسن التهوية الطبيعية ويقلل تراكم الحرارة.

تقوم الفتحات بدورين رئيسيين:
1.     تعزيز حركة الهواء عبر ضغط الرياح  (Pressure Equalization)

عندما تضرب الرياح واجهة اللوح، تقوم الفتحات بمنح طرق منخفض المقاومة للهواء للدخول والخروج، مما يمنع تكوّن جيوب هوائية ساخنة.

2.     خلق تأثير “فينتوري” المصغر  (Micro-Venturi Effect)

تُسرّع الفتحات الدائرية الصغيرة الهواء عبر الإطار، مما يحسّن معدل انتقال الحرارة من سطح اللوح.

والنتيجة؟ لوح أبرد، توزيع حرارة أكثر تجانسًا، وكفاءة كهربائية أعلى.

التجربة الصينية: 17 تصميمًا ونتيجة واحدة مفاجِئة

استخدم الباحثون لوحًا أحادي البلّورة وأجروا 17  نموذجًا مختلفًا لفتحات في الإطار، ومن ثم مقارنة أدائها على عدة مستويات شملت:

  • درجة الحرارة المتوسطة
  • التوزيع الحراري
  • القدرة الكهربائية الناتجة
  • كفاءة التحويل الكهروضوئي

بعد محاكاة CFD عالية الدقة وتجارب ميدانية للتحقق، تبيّن أن تصميمًا واحدًا تفوّق على الجميع.

أفضل تصميم: فتحات دائرية على جانب الرياح فقط

  • عدد الفتحات: 8 فتحات
  • شكل الفتحات: دائرية
  • نصف القطر: 3 مم
  • الجانب: جهة الرياح فقط  (Windward Side)

 النتائج المحققة:

  • خفض درجة الحرارة 44°C مقارنة بالإطار غير المثقّب
  • أعلى قدرة كهربائية مسجّلة 18 W
  • أعلى كفاءة تحويل 9%
  • توزيع حراري أكثر تجانسًا يقلل الإجهادات الحرارية على الخلايا

الأهم من ذلك: الزيادة في عدد الفتحات أو فتحها على جهات متعددة لم تُحسن الأداء — بل قلّلته في بعض الحالات.

هل المزيد من الفتحات يعني تبريدًا أفضل؟ الإجابة: لا

أظهرت الدراسة أن فتحات زائدة أو موضوعة على الجهة الخلفية تؤدي إلى:

  • اضطراب في تدفق الهواء
  • عودة الهواء الساخن للسطح الخلفي
  • ضعف التبريد الطبيعي
  • انخفاض ناتج القدرة

ثلاثة تصاميم (3، 7، 8) كانت أسوأ من الإطار العادي.

وهنا تكمن أهمية الدراسة: الجودة أهم من الكَمّ.

زاوية الميل المثالية للتبريد السلبي

بعد اختبار عدة زوايا، اكتشف الباحثون أن أفضل ميل لتعزيز التبريد بالهواء هو 11°. عند هذه الزاوية، يتحقق أفضل توازن بين حركة الهواء الطبيعية والتهوية المتولدة من ضغط الرياح.

ماذا تعني هذه النتائج لمطوري ومنفذي مشاريع الطاقة الشمسية؟

توفر هذه النتائج دلالة مهمة للقطاع، خصوصًا في البيئات الحارة:

تصميم بسيط يمكن تطبيقه دون تكلفة تذكر

إضافة 8 فتحات صغيرة على الإطار الأمامي يمكن أن يخفض حرارة اللوح بشكل ملحوظ.

زيادة الإنتاجية السنوية بشكل ملحوظ

كل انخفاض في الحرارة بمقدار ~5°C  يعني زيادة مباشرة في الكفاءة.

إطالة العمر التشغيلي للموديول

بسبب تقليل:

  • إجهادات التمدد الحراري
  • مخاطر النقاط الساخنة (Hotspots)
  • تدهور EVA Ethylene-Vinyl Acetate والباكشيت
تبريد فعال حتى في انعدام الرياح

تحت ظروف عديمة الرياح أظهرت الدراسة انخفاضًا مذهلًا بلغ 37.8°C

الخلاصة: التقنية واعدة… بشرط الالتزام بالتصميم الصحيح

تؤكد هذه الدراسة أن التبريد السلبي عبر فتحات الإطار ليس مجرد فكرة هندسية بسيطة، بل تقنية فعّالة إذا تم تنفيذها بدقة.  وقد أثبتت النماذج الرقمية والتجارب الواقعية أن:

  • الفتحات الدائرية الصغيرة أكثر فعالية من المستطيلة
  • الفتحات على جهة الرياح فقط هي الأفضل
  • زيادة عدد الفتحات قد يضر الأداء
  • زاوية الميل لها دور حاسم في تحسين التبريد

هذه النتائج تشجع صانعي الألواح والمطوّرين على اعتماد حلول بسيطة وقليلة التكلفة لرفع كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق الحارة — وهي خطوة تتماشى مع توجهات الطاقة المتجددة نحو تصميمات أكثر ذكاءً وفعالية.

📚  المصدر:

كاھانا، ليور. “How to reduce PV module temperature with frame perforations”، مجلة PV Magazine International، 6 نوفمبر 2025.
متاح على الرابط:
https://www.pv-magazine.com/2025/11/06/how-to-reduce-pv-module-temperature-with-frame-perforations/

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري