الإستدامةالطاقة الشمسية

كيف يمكن تحسين أداء المضخات الحرارية المدعومة بأنظمة PVT ذات التمدد غير المباشر؟

مقدمة

تتجه أنظمة الطاقة الحرارية الشمسية اليوم نحو مزيد من التكامل، ليس فقط لرفع الكفاءة، بل لضمان الاستدامة التشغيلية والجدوى الاقتصادية على المدى الطويل. ومن بين هذه الحلول، تبرز أنظمة الخلايا الكهروضوئية–الحرارية (PVT) المدعومة بالمضخات الحرارية كخيار متقدم لإنتاج المياه الساخنة، خصوصًا في المباني والفنادق والمرافق العامة. غير أن هذا التكامل يصبح أكثر تعقيدًا في المناخات الاستوائية الرطبة، حيث تتحول الرطوبة العالية من عامل بيئي ثانوي إلى متغير تصميمي حاسم.

في هذا الإطار، قدّم باحثون من Chiang Mai University  دراسة تطبيقية استهدفت تحسين أداء نظام مضخة حرارية مدعومة بـ PVT ذات تمدد غير مباشر  (IDX-PVT-AHP)، مصمم خصيصًا للعمل في مناخ مدينة Chiang Mai  الاستوائي.

https://doi.org/10.1016/j.csite.2025.107496

من التحدي المناخي إلى التصميم

تعاني المناطق الاستوائية من مستويات مرتفعة من الرطوبة، ما يزيد احتمالية وصول سطح ألواح PVT إلى درجات حرارة أدنى من درجة الندى، وهو ما يؤدي إلى تكاثف بخار الماء على الألواح. هذا التكاثف لا يؤثر فقط على الأداء اللحظي، بل قد يسرّع من تدهور المواد ويقصر العمر التشغيلي للنظام.

انطلقت الدراسة من سؤال تصميمي بسيط في ظاهره لكنه عميق في نتائجه: ما هي درجة حرارة الماء البارد وحجم الخزان المثاليين اللذين يحققان أفضل توازن بين كفاءة الطاقة وتقليل مخاطر التكاثف؟

كيف يعمل نظام  IDX-PVT-AHP؟

يعتمد النظام المدروس على تدوير الماء عبر ألواح PVT لامتصاص الحرارة وتبريد الخلايا الشمسية في الوقت نفسه. ينتقل الماء بعد ذلك إلى خزان ماء بارد، يحتوي على ملف يعمل كمبخر للمضخة الحرارية. تقوم المضخة بنقل الحرارة إلى خزان المياه الساخنة عبر مكثف صفائحي، بينما تُستخدم الكهرباء المولدة من ألواح PVT لتشغيل الضاغط والمضخات، مع الاعتماد على الشبكة عند الحاجة.

هذا الفصل بين الدائرة الشمسية ودائرة وسيط التبريد، وهو ما يُعرف بالتمدد غير المباشر، يرفع الموثوقية، لكنه يجعل درجة حرارة خزان الماء البارد عنصرًا حاسمًا في الأداء الكلي.

نتائج التجربة الأولى: درجة الحرارة ليست مجرد رقم

في المرحلة الأولى، تمت محاكاة نظام يضم ثلاثة ألواح PVT أحادية البلورة بقدرة 550 واط، مع خزان مياه ساخنة بسعة 1,000 لتر وخزان مياه باردة بسعة 1,500 لتر. تم اختبار أربع درجات حرارة دنيا للماء البارد: 18 و21 و24 درجة مئوية، إضافة إلى التشغيل عند درجة الندى الفعلية.

أظهرت النتائج أن خفض درجة الحرارة إلى 18°C  أدى إلى أقل استهلاك كهربائي، لكنه تسبب في أكثر من 300 ساعة سنويًا من التكاثف على الألواح. في المقابل، وفّر التشغيل عند درجة الندى أفضل توازن، حيث انخفضت مخاطر التكاثف بشكل كبير دون زيادة ملحوظة في استهلاك الطاقة. وهنا تبرز رسالة واضحة:  تحسين الكفاءة لا يجب أن يكون على حساب الاستدامة التشغيلية.

التجربة الثانية: بين الاستقرار الحراري والجدوى الاقتصادية

في المرحلة الثانية، ثُبّتت درجة حرارة خزان الماء البارد عند درجة الندى، ثم جرى تحليل تأثير عدد ألواح PVT وحجم خزان الماء البارد على فترة الاسترداد المالي لتسخين 1,000 لتر من الماء إلى 60°C

أظهرت المحاكاة أن زيادة عدد ألواح PVT حسّنت الأداء وخفّضت الاعتماد على السخانات المساعدة، بينما أدّى تكبير حجم خزان الماء البارد إلى تحسين الاستقرار الحراري، لكنه أطال فترة الاسترداد إذا تجاوز الحجم الأمثل. بعبارة أخرى، ليست “الأكبر دائمًا أفضل”، بل الأهم هو تحقيق التوازن بين الأداء والكلفة.

التكوين الأمثل: عندما تتقاطع الهندسة مع الاقتصاد

خلص الباحثون إلى أن التكوين الأمثل في المناخات الاستوائية يتكون من ثلاثة ألواح  PVT، وخزان مياه ساخنة بسعة 1,000 لتر، وخزان مياه باردة بسعة 1,500 لتر، مع ضبط درجة الحرارة عند درجة الندى. في هذا السيناريو، انخفضت ساعات التكاثف إلى سبع ساعات فقط سنويًا، بينما بلغ الاستهلاك السنوي للكهرباء نحو 7,315 كيلواط ساعة، مع فترة استرداد لا تتجاوز 3.36 سنوات.

دلالات أوسع لقطاع الطاقة الحرارية

تتجاوز أهمية هذه الدراسة حدود الحالة التطبيقية في تايلاند، إذ تقدم رسالة تصميمية واضحة لمهندسي الطاقة والمباني في المناطق الحارة والرطبة: درجة الندى ليست قيمة مناخية ثانوية، بل معيار تصميم أساسي يجب دمجه في أنظمة PVT  والمضخات الحرارية. ومع تسارع كهربة التدفئة وتسخين المياه عالميًا، تبرز هذه الأنظمة كحل عملي وفعّال، شريطة التعامل بذكاء مع تفاصيل التصميم الدقيقة.

الخلاصة

تُظهر هذه الدراسة أن نجاح أنظمة PVT  المدعومة بالمضخات الحرارية لا يعتمد فقط على كفاءة المكونات أو حجم النظام، بل على فهم عميق للتفاعل بين المناخ والتصميم والتشغيل. ففي البيئات الحارة والرطبة، يصبح التحكم في درجة حرارة الماء البارد—وبشكل خاص مراعاة درجة الندى—عاملًا حاسمًا في تحقيق توازن دقيق بين كفاءة الطاقة، واستدامة الأداء، والجدوى الاقتصادية.

وتعكس نتائج البحث انتقال هذه الأنظمة من مرحلة الحلول التجريبية إلى حلول هندسية ناضجة قابلة للتطبيق التجاري، خاصة في قطاع تسخين المياه للمباني والفنادق والمرافق العامة. ومع تصاعد الاهتمام العالمي بكهربة التدفئة وخفض الانبعاثات، تقدم أنظمة PVT-Heat Pump نموذجًا واعدًا لحلول متكاملة منخفضة الكربون، شريطة أن تُصمم بعين هندسية تراعي التفاصيل المناخية الدقيقة، لا الأرقام الاسمية فقط.

📚  المصدر

Case Studies in Thermal Engineering
Evaluation of cold water temperature and tank size impacts on a PVT-assisted heat pump system performance for hot water applications
Tawanporn Junjorn, Thoranis Deethayat, Attakorn Asanakham, Tanongkiat Kiatsiriroat
Volume 76, December 2025, Article 107496
https://doi.org/10.1016/j.csite.2025.107496

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري