هل يمكن لتقنية التبريد بالضباب أن تُحدث ثورة في كفاءة الألواح الشمسية الثنائية الوجه في المناخات الحارة القاسية؟

تشكل الطاقة الشمسية واحدة من أكثر مصادر الطاقة المتجددة نموًا في العالم، خصوصًا مع السعي العالمي لتحقيق الاستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. لكن بالرغم من التقدم الكبير في تكنولوجيا الألواح الشمسية، يظل ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الحارة عائقًا رئيسيًا يحد من كفاءة تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء. فما هي الحلول التقنية التي يمكن أن تتغلب على هذا التحدي؟ وهل يمكن لتقنية التبريد بالضباب أن تعزز من أداء الألواح الشمسية الثنائية الوجه في هذه البيئات القاسية؟
هذا التساؤل هو محور الدراسة البحثية الحديثة التي قام بها الباحثان afar Said وFahad Faraz Ahmad، والتي نشرت في مجلة Energy Conversion and Management عام 2025 تحت عنوان:
Maximizing solar photovoltaic efficiency with Mist Cooled sandwich bifacial panels under extreme hot climate conditions.
التحديات التي تواجه الألواح الشمسية الثنائية الوجه في المناخات الحارة
تعتبر الألواح الشمسية الثنائية الوجه من التقنيات المتطورة التي تستفيد من الإشعاع الشمسي الساقط على كلا وجهي اللوح، مما يسمح بزيادة كمية الطاقة المولدة مقارنة بالألواح التقليدية أحادية الوجه. إلا أن ارتفاع درجات الحرارة في البيئات الحارة يشكل مشكلة حرارية تؤدي إلى تراجع كفاءة الخلايا الشمسية، حيث أن كل زيادة في درجة الحرارة تؤدي إلى فقدان نسبة مئوية من قدرة التحويل الضوئي إلى كهرباء.
في المناخات الصحراوية أو المناطق الحارة القاسية مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأجزاء من الهند، قد تصل درجات الحرارة على سطح الألواح إلى أكثر من 60 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تقليل كفاءتها بما قد يصل إلى 20% أو أكثر، وهذا يضر بالعائد الاقتصادي للمشاريع الشمسية.
ماهية تقنية التبريد بالضباب
تقنية التبريد بالضباب تعتمد على رش رذاذ دقيق من الماء (بقطرات صغيرة جداً) على سطح الألواح الشمسية، ما يؤدي إلى تبخر سريع للماء. هذا التبخر يستهلك حرارة اللوح، ويخفض من درجة حرارته بشكل فعال دون الحاجة إلى استخدام مياه كثيرة. ما يميز هذه التقنية أنها لا تحتاج إلى تبريد كامل أو أنظمة معقدة، بل تعتمد على رذاذ بسيط يُقلل من الحرارة مع المحافظة على فعالية الألواح.
تصميم الدراسة ومنهجية البحث
في الدراسة التي أجريت، تم تصميم نظام اختبار للألواح الشمسية الثنائية الوجه بنمط “ساندويتش”، حيث تم تضمين طبقة تبريد تعمل برش ضباب الماء على السطح الخارجي للوح. وتمت التجارب في ظروف مناخية محاكاة لدرجات حرارة عالية جداً تتراوح بين 45 و60 درجة مئوية، مع قياس الأداء الكهروضوئي للوح تحت تأثير تقنية التبريد بالضباب مقارنة بألواح مشابهة بدون تبريد.


أهم النتائج والتوصيات
- تحسين ملحوظ في الكفاءة: أظهرت النتائج أن الألواح التي تم تبريدها بالضباب تحسنت كفاءتها بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% مقارنة بالألواح غير المبردة. هذا التحسن يعود بشكل رئيسي إلى خفض درجة حرارة اللوح، مما يقلل من فقدان الطاقة الناتج عن الحرارة.
- خفض درجة حرارة اللوح: أدى رش الضباب إلى خفض درجة حرارة سطح اللوح بما يقارب 10 إلى 15 درجة مئوية، وهو تأثير مهم جداً في الحفاظ على فعالية الخلايا الشمسية في الألواح الثنائية الوجه.
- استهلاك منخفض للمياه: إحدى المخاوف الرئيسية من تقنيات التبريد هي استهلاك المياه، خصوصًا في المناطق الصحراوية. لكن الدراسة أشارت إلى أن كمية المياه المستخدمة في تقنية الضباب كانت منخفضة جداً، ويمكن استخدام أنظمة تدوير للمياه مما يجعل التقنية مستدامة وفعالة بيئيًا.
- التحسين في الأداء عبر كلا الوجهين: لأن الألواح ثنائية الوجه تستقبل الإشعاع من الجهتين، فقد أظهرت الدراسة أن التبريد بالضباب على الوجهين معًا ساعد في تحسين أداء اللوح بشكل متوازن، مما يساهم في تحقيق أقصى إنتاجية ممكنة.
- تحديات التكلفة والتنفيذ: رغم الفوائد الواضحة، فإن تركيب أنظمة تبريد بالضباب يحتاج إلى استثمار أولي وقدرة على إدارة الموارد المائية بشكل فعّال. لذلك، توصي الدراسة بإجراء تقييم شامل للتكلفة مقابل العائد على الاستثمار عند تطبيق هذه التقنية في المشاريع التجارية.
الفرص المستقبلية والتطبيقات العملية
تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة لتطوير تقنيات تبريد الألواح الشمسية في المناطق ذات المناخات القاسية، خاصة في:
- المشاريع الشمسية الكبيرة: حيث يمكن أن يؤدي تحسين الكفاءة إلى زيادة العوائد وتقليل فترة استرداد التكلفة للمشروع.
- البيئات الصحراوية والجافة: حيث يُعد استهلاك المياه والتقنيات البسيطة عوامل حاسمة لنجاح أي نظام تبريد.
- التقنيات المتكاملة: يمكن دمج التبريد بالضباب مع حلول أخرى مثل الطلاءات المقاومة للحرارة أو الأنظمة الذكية لمراقبة درجة الحرارة لتحقيق أقصى استفادة.
الخلاصة
إن استخدام تقنية التبريد بالضباب مع الألواح الشمسية الثنائية الوجه يعد حلاً فعالاً لتحسين كفاءة الطاقة الشمسية في المناخات الحارة القاسية. تعزز هذه التقنية من أداء الألواح من خلال خفض درجات الحرارة وتحسين الإنتاجية، مع استهلاك منخفض للمياه، ما يجعلها خيارًا مستدامًا ومناسبًا للعديد من المناطق الصحراوية حول العالم.
في ضوء النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، يمكن للمهندسين والمستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة التفكير في تطبيق هذه التقنية لتطوير مشاريع أكثر كفاءة وفعالية، مع مراعاة التحديات المالية والتقنية المحتملة.
مصدر المقال
Zafar Said, Fahad Faraz Ahmad,
Maximizing solar photovoltaic efficiency with Mist Cooled sandwich bifacial panels under extreme hot climate conditions,
Energy Conversion and Management, Volume 335, 2025, 119865, ISSN 0196-8904,
https://doi.org/10.1016/j.enconman.2025.119865