الإستدامةالطاقة الشمسيةتقارير

هل حان الوقت لإعادة تصميم الأنظمة الشمسية لتناسب المناخات القاسية؟

تقرير IEA-PVPS: دليل شامل لتكييف الأنظمة الكهروضوئية مع البيئات الصعبة

تُعد الطاقة الشمسية من أبرز أدوات التحول نحو مستقبل طاقي منخفض الكربون. ومع انخفاض التكاليف وتطور تقنيات الخلايا والوحدات الكهروضوئية، أصبحت الطاقة الشمسية منتشرة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المناطق التي كانت في السابق تُعتبر غير مناسبة لتوليد الطاقة—مثل الصحارى، المناطق الاستوائية، والمناطق الثلجية. في تقرير حديث صادر عن “الوكالة الدولية للطاقة – برنامج الأنظمة الكهروضوئية ” (IEA-PVPS)،  بعنوان تحسين أداء الأنظمة الكهروضوئية في المناخات المختلفة، تم تسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بكل مناخ، وسبل التكيّف مع هذه الظروف لضمان كفاءة ومتانة الأنظمة الشمسية على المدى الطويل.

لماذا تُبنى الأنظمة الشمسية في بيئات قاسية؟

تشهد مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند الشمالية وصحراء أتاكاما توسعًا هائلًا في مشاريع الطاقة الشمسية، نظرًا لتوفر الإشعاع الشمسي العالي والمساحات الواسعة. كما تشهد المناطق القطبية والجبال المرتفعة اهتمامًا متزايدًا، خاصة مع اعتماد وحدات ثنائية الوجه (Bifacial) التي تستفيد من انعكاسات الثلوج. أما في المناطق الاستوائية، فإن ارتفاع الطلب على الكهرباء وندرة الأراضي يدفع نحو تركيب أنظمة كهروضوئية على الأسطح أو فوق المياه. لكن هذه البيئات – رغم غناها بالإشعاع الشمسي – تتطلب تصميمات وتقنيات خاصة لتفادي تدهور المكونات وخسائر الأداء.

تحديات المناخات الصعبة: نظرة تحليلية

1.    المناخات الباردة والثلجية:

  • إيجابيات: تحسين الكفاءة وتقليل التدهور الكيميائي.
  • سلبيات: زيادة الأحمال الفيزيائية الناتجة عن الثلوج، واحتمال تكسر الزجاج أو تقشر المكونات.
  • التوصيات: استخدام زجاج أمامي أكثر سماكة، إطارات قوية، خلايا مقاومة للشقوق الدقيقة، وأنظمة تركيب بزاوية ميل عالية مع حواجز للثلوج.
Source: https://iea-pvps.org/

2.    المناخات الحارة والجافة:

  • التحديات: تراكم الغبار، ارتفاع درجات الحرارة، والإجهادات الحرارية المتكررة.
  • التوصيات: وحدات ذات معامل حراري منخفض، أغلفة مقاومة للأشعة فوق البنفسجية والحرارة مثل POE، وتصميم يسهل التنظيف، وطلاءات مضادة للاتساخ (قيد البحث).

3.    المناخات الحارة والرطبة:

  • التحديات: التآكل، التلوث البيولوجي، تراكم الرطوبة، والتدهور السريع للمكونات.
  • التوصيات: استخدام إطارات مضادة للتآكل، مكونات مستقرة ضد الأشعة فوق البنفسجية، جدول صيانة وتنظيف دوري، وتدابير للحد من نمو الطحالب.

من التصميم إلى الصيانة: نهج شامل للتكيّف المناخي

التقرير يؤكد أن اختيار تكنولوجيا الوحدات الكهروضوئية يجب أن يبدأ من تقييم المناخ المحلي. وفي هذا السياق، يُوصى باستخدام معيار IEC 61853 لتقييم الأداء الطاقي (Energy Rating) للوحدات الشمسية. لكن التقرير يشير إلى وجود فجوة مهمة: هذا التقييم لا يشمل معدلات التدهور طويلة الأجل، والتي تختلف جذريًا حسب المناخ. فمثلًا، تظهر المناطق الاستوائية تدهورًا أعلى من المعتاد، في حين أن المناطق الباردة قد تُسجل معدلات أقل. لذلك، فإن إدماج معدلات التدهور المناخية الخاصة في أدوات التقييم القياسية لا يزال موضع بحث حاليًا، وهو أمر ضروري لتحديد العائد الاقتصادي للمشروع بدقة.

كيف نختار المكونات المثلى لكل مناخ؟

  • وحدات الزجاج/الزجاج (Glass-Glass) ذات الزجاج السميك توفر مقاومة أعلى للإجهادات الميكانيكية.
  • تصميمات الإطار الجديدة، والمواد المغلفة المرنة، وطلاءات الحماية الخاصة (مثل الطلاء المقاوم للتآكل أو الطلاء الطارد للثلج) تُعد من الحلول الواعدة، لكنّها ما تزال بحاجة لمزيد من الاختبارات حول المتانة والكلفة.
  • يجب تجنب الحلول أحادية الهدف؛ فمثلًا، الوحدات غير المؤطرة Frameless قد تسهّل انزلاق الثلوج لكنها أقل متانة.

أهمية تصميم النظام حسب المناخ

يلعب تصميم النظام دورًا محوريًا في تحديد الأداء والاعتمادية. فاختيار زوايا الميل، وارتفاع النظام، ونوع هيكل التركيب تختلف بشكل كبير بين مناخ وآخر. في المناطق الباردة، تتطلب الأنظمة تصميمات أكثر تعقيدًا لتحمّل أحمال الثلوج. أما في المناطق الصحراوية، فيُوصى بزوايا ميل أعلى لتقليل تراكم الغبار رغم انخفاض الكفاءة الاسمية. كما أن تحديد استراتيجية التشغيل والصيانة (O&M) يجب أن يستند إلى بيانات دقيقة حول الموقع والمناخ، بدءًا من مرحلة التخطيط وحتى التشغيل.

Source: https://iea-pvps.org/

استنتاج: استراتيجية مناخية شاملة لمستقبل شمسي أكثر موثوقية

يُظهر التقرير أن تحقيق أقصى استفادة من الطاقة الشمسية في البيئات القاسية لا يعتمد فقط على خفض التكاليف أو تحسين الكفاءة، بل على تكييف شامل لكل مرحلة من مراحل المشروع مع خصائص المناخ المحلي—بدءًا من اختيار المكونات، مرورًا بتصميم النظام، وصولًا إلى استراتيجيات التشغيل والصيانة. وبينما لا تزال الخبرة في الأنظمة المصممة خصيصًا للمناخ محدودة، فإن مشاركة البيانات، وتبادل التجارب الميدانية، والاستثمار في الابتكار المناخي يجب أن تكون من أولويات القطاع في السنوات القادمة.

📚 المصدر:
IEA PVPS Task 13 Report, Optimisation of Photovoltaic Systems for Different Climates, Executive Summary and Key Findings, 2025

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري