الإستدامةالطاقة الشمسيةغير مصنف

تقنية JA Solar تدفع كفاء خلايا البيروفسكايت إلى 26.7%

مقدمة

تُظهِر النتائج البحثية الجديدة من شركة JA Solar  أنّ سباق كفاءة الخلايا الشمسية البيروفسكايتية لم يعد مجرّد تحسين تدريجي، بل أصبح قفزات نوعية في هندسة الواجهات على المستوى الجزيئي. في هذا المقال نُلخّص ونحلّل ابتكارًا بحثيًا مهمًا تمثّل في تطوير خلية شمسية بيروفسكايتية معكوسة (Inverted Perovskite Solar Cell) بكفاءة وصلت إلى 26.7%، مع أداء مميز عند تكبير المساحة وثبات حراري لافت.

ما هي الخلية البيروفسكايتية المعكوسة  (p–i–n)؟

الخلايا البيروفسكايتية التقليدية غالبًا ما تُبنى وفق بنية n–i–p؛ أي طبقة نقل إلكترون (n) في الأسفل، يليها طبقة الامتصاص البيروفسكايتية  (i)، ثم طبقة نقل الفجوات (p) في الأعلى، ويتم الإشعاع الضوئي من جهة طبقة نقل الإلكترون.

في المقابل، الخلايا المعكوسة تعتمد بنية p–i–n

  • في الأسفل:  طبقة انتقائية للثقوب  (Hole Transport Layer – HTL)
  • في الوسط:  طبقة البيروفسكايت الممتصّة للضوء.
  • في الأعلى:  طبقة نقل الإلكترون  (Electron Transport Layer – ETL)، ويتم الإشعاع من جهة طبقة نقل الفجوات.

هذه البنية المعكوسة تُعدّ واعدة من حيث الاستقرار، والتوافق مع التصنيع منخفض الحرارة، وإمكانية دمجها في تراكيب خلايا ثنائية (Tandem) مع السيليكون أو غيره، لكنها تعاني من حساسية عالية لخصائص واجهة البيروفسكايت مع ETL، وهي النقطة التي استهدفها فريق JA Solar بالضبط.

The experimental setup Image: JA Solar

مشكلة واجهة البيروفسكايت / C60 ولماذا هي حرجة؟

يُعَد C60 (Buckminsterfullerene)  أحد أفضل المواد أداءً كطبقة نقل إلكترون في البنى المعكوسة، لكن له مشكلتان رئيسيتان:

  1. تجمّع الجزيئات في المحلول (Aggregation)، ما يصعّب التحكم في مورفولوجيا الطبقة عند الترسيب.
  2. إعادة الاتحاد اللاشعاعي (Non-Radiative Recombination) عند الواجهة بين البيروفسكايت و C60، ما يؤدي إلى فقد في الجهد (Voc loss) وتراجع في الكفاءة والاستقرار.

بمعنى آخر، حتى لو كانت طبقة البيروفسكايت نفسها عالية الجودة، فإن واجهة سيئة الضبط مع C60 يمكن أن تسرّب حوامل الشحنة، فتقلّ الكفاءة وتزداد آليات الانحلال والتلف بمرور الزمن.

الدور الحاسم للملح الأمونيومي العضوي  PMEAI

الدور الحاسم لمركّب PMEAI  هو تحسين الواجهة بين طبقة البيروفسكايت وطبقة C60  في الخلية الشمسية. يعمل هذا الملح العضوي كطبقة معالجة للسطح (Passivation) تُقلّل العيوب المرتبطة بفراغات الرصاص واليود، فتحدّ من فقد الطاقة وترفع الجهد وعامل الامتلاء. كما أن تصميمه الجزيئي «خفيف» لا يعيق حركة الشحنات، بل يسمح بنقلها بسلاسة عبر الواجهة. إضافةً إلى ذلك، يعيد PMEAI توجيه المجال الكهربائي عند الواجهة بحيث يساعد على سحب الإلكترونات بسرعة أكبر ويقلّل إعادة اتحادها، وهو ما ينعكس في النهاية على زيادة كفاءة الخلية العضوية المعكوسة.

بنية الخلية وتجربة التصنيع

بُنيت الخلية الشمسية وفق الترتيب الطبقي التالي:

  • الركيزة (Substrate) زجاج مغطى بأكسيد القصدير المُطعَّم بالفلور  (FTO)
  • طبقة نقل الفجوات (HTL) طبقة أحادية الجزيء ذاتية التنظيم Self-Assembled Monolayer تُعرف باسم 4PADCB
  • طبقة الامتصاص فيلم من البيروفسكايت.
  • طبقة التمرير PMEAI عند واجهة البيروفسكايت C60
  • طبقة نقل الإلكترون (ETL) طبقة من C60  المحسّن.
  • طبقة عازلة رقيقة (Buffer) طبقة رقيقة من Bathocuproine (BCP)
  • القطب الخلفي (Back Contact) فضة  (Ag)

هذا الترتيب يجمع بين هندسة سطحية دقيقة على مستوى الجزيئات PMEAI و4PADCB  وبين بنية كهربية مدروسة لتعظيم استخلاص الشحنة وتقليل الخسائر البينية.

الأداء الكهروضوئي – أرقام تقترب من حدود السيليكون الأحادي

تحت شروط الإضاءة القياسية  (AM 1.5G, 1000 W/m²)، حققت الخلية المبنية على PMEAI النتائج التالية:

  • كفاءة تحويل القدرة  (PCE)
    • 26.7%  جهاز مخبري.
    • 25.84%  كفاءة معتمدة من المركز الوطني لقياس واختبار صناعة الفوتوفولتيك في الصين (NPVM)
  • الجهد الدائري المفتوح (Voc) حوالي 1.181 V
  • كثافة التيار القصير (Jsc) حوالي 26.36 mA/cm²
  • عامل الامتلاء (Fill Factor – FF) 85.8%، وهو رقم مميز يعكس انخفاض الخسائر الأومية والبينية.

مقارنةً بجهاز تحكّم (Control Device) بدون PMEAI أو باستخدام طبقة تمرير أخرى، تراجعت الكفاءة إلى حوالي 24.3%  مع انخفاض في Voc وFF، ما يؤكد أن تحسين الواجهة عبر PMEAI هو العامل الحاسم في القفزة الكهروضوئية.

قابلية التكبير والاستقرار الحراري

لا تكتمل جدوى أي ابتكار مخبري دون اختباره عند مساحات أكبر ومع ظروف تشغيل قاسية:

  • عند تكبير المساحة النشطة إلى 1 سم²، حقّقت الخلية كفاءة وصلت إلى 24.5%، وهو رقم مهم للمقارنة مع الخلايا التجارية.
  • في اختبارات الثبات الحراري عند درجة حرارة 65°C، احتفظت الخلية بـ حوالي 97% من كفاءتها الابتدائية بعد 1500 ساعة من التشغيل، ما يعكس تحسّنًا واضحًا في مقاومة آليات الانحلال المرتبطة بهجرة الأيونات وإعادة الاتحاد عند الحدود البينية.

دلالات بحثية وتطبيقية للمحترفين وهواة البحث العلمي

هذا العمل البحثي، المنشور تحت عنوان:

Interface Molecular Orientation Engineering Induced Field Reversal for Efficient Inverted Perovskite Solar Cells في مجلة Energy & Environmental Science، يقدّم عدة رسائل مهمّة للمجتمع العلمي والهندسي:

  1. هندسة الواجهة أهم من “وصفة” البيروفسكايت فقط: تحسين البيروفسكايت من حيث التركيب الكيميائي وجودة الفيلم لم يعد كافيًا وحده؛ هندسة واجهة البيروفسكايت مع طبقات نقل الشحنة – من خلال جزيئات مصممة بعناية – أصبحت مسارًا رئيسًا لدفع الكفاءة والاستقرار معًا.
  2. تصميم جزيئي ذكي بدلًا من “إغراق” الواجهة بالبوليمرات: استخدام جزيئات عضوية منخفضة الإعاقة الفراغية وقابلة للانتظام الأفقي عند السطح، مثل PMEAI، يمثّل جيلًا جديدًا من مواد التمرير، يتجاوز مشكلة “خنق” واجهة النقل أو إعاقة حركية الحوامل.
  3. تحويل المجال الكهربائي كأداة تصميم: بدلاً من النظر للمجال الكهربائي الداخلي كمعطى ثابت، يمكن هندسته عبر اختيار مواد الواجهة المناسبة، لتحقيق استخلاص أسرع للإلكترونات وتخفيف إعادة الاتحاد – وهي فكرة قابلة للتعميم على أنظمة بيروفسكايتية وخلايا ثنائية متعددة.
  4. جسر بين الأداء المخبري والمتطلبات الصناعية: الوصول إلى كفاءة معتمدة تتجاوز 25%، مع استقرار حراري طويل الأمد، وتكبير مساحة الخلية إلى 1 سم²، يقترب أكثر من متطلبات الصناعة لتطوير وحدات بيروفسكايتية مستقلة أو هجينة مع السيليكون.

خاتمة

يُظهر ابتكار JA Solar أنّ هندسة الاتجاه الجزيئي عند الواجهة البيروفسكايتية ليست مجرد تفصيل نظري، بل أداة عملية لدفع كفاءة الخلايا البيروفسكايتية المعكوسة إلى مستويات تنافس – بل وتكمّل – خلايا السيليكون المتقدّمة.

بالنسبة للباحثين والهواة الجادّين في مجال الخلايا الشمسية، يفتح هذا العمل الباب أمام:

  • تصميم عائلات جديدة من الأملاح الأمونيومية والجزيئات العضوية ذات وظائف تمرير مزدوجة أو ثلاثية.
  • إنشاء نماذج محاكاة دقيقة للمجال الكهربائي عند الواجهات، وربطها مباشرةً بقياسات Voc وFF  وJsc.
  • استكشاف استراتيجيات مماثلة في البنى الترادفية (Tandem) حيث يمكن لتعديل واجهة واحدة أن يغيّر أداء الخلية الثنائية بالكامل.

باختصار، ما نراه هنا ليس مجرد تحسين في رقم الكفاءة، بل نقلة في فلسفة تصميم المواد البينية في الخلايا البيروفسكايتية – فلسفة تجعل من الجزيئات “المُهندَسة واجهياً” لاعبًا رئيسًا في مستقبل الفوتوفولتيك عالي الأداء.

📚  المصدر:

للمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى التقرير الأصلي المنشور عبر موقع PV Magazine:
(https://www.pv-magazine.com/2025/11/18/ja-solar-builds-inverted-perovskite-solar-cell-with-26-7-efficiency/)

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي وإثراء المحتوى المتخصص في مجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري