هل تقترب الخلايا الترادفية من كسر الحاجز النظري؟
Aiko تسجّل كفاءة 34.76% لخلايا بيروفسكايت–سيليكون ثنائية الطرف

مقدمة
في سباق عالمي محتدم لرفع كفاءة الخلايا الشمسية إلى حدودها القصوى، أعلنت شركة Aiko الصينية عن إنجاز لافت قد يشكّل نقطة تحوّل في مسار الخلايا الترادفية. فقد نجحت الشركة في تحقيق كفاءة تحويل طاقي بلغت 34.76% لخلية شمسية ترادفية من نوع بيروفسكايت–سيليكون ثنائية الطرف، وهو رقم يضع هذه التقنية على مقربة غير مسبوقة من السقوف النظرية لكفاءة الخلايا الشمسية. هذا الإنجاز لم يكن نتيجة جهد منفرد، بل ثمرة تعاون بحثي بين Solarlab Aiko Europe، والمقر الرئيسي لشركة Aiko، إضافة إلى خط البحث والتطوير المتقدم في مدينة ييوو الصينية.
لماذا تُعد كفاءة 34.76% رقمًا مفصليًا؟
لفهم أهمية هذا الرقم، لا بد من وضعه في سياقه الصحيح. فمعظم الخلايا السيليكونية التجارية اليوم تعمل بكفاءات تتراوح بين 21% و23%، بينما اقتربت أفضل خلايا المختبر أحادية الوصلة من حدودها الفيزيائية. هنا تظهر الخلايا الترادفية كخيار استراتيجي، إذ تقوم على تكديس طبقتين مختلفتين من المواد لالتقاط أجزاء أوسع من الطيف الشمسي.
في حالة Aiko، جرى دمج:
- خلية سيليكون سفلية بتقنية الوصلة غير المتجانسة (HJT)
- خلية بيروفسكايت علوية عالية الامتصاص.
هذا الدمج يسمح باستغلال الضوء عالي ومنخفض الطاقة بكفاءة أعلى، بدل فقدانه كما يحدث في الخلايا التقليدية.

هندسة الواجهات… حيث تُصنع الكفاءة
بحسب ما عرضه فريق البحث خلال مؤتمرBecome PV 2025 في بروكسل، اعتمدت الخلية الترادفية الجديدة على هندسة متقدمة للواجهات وعمليات تمرير (passivation) دقيقة للمواد، ما ساهم في تقليل خسائر إعادة الاتحاد وزيادة الاستقرار.
ورغم أن الشركة لم تكشف عن تفاصيل تقنية موسعة، إلا أن الرسالة كانت واضحة:
الوصول إلى هذه الكفاءة لم يكن نتيجة مادة واحدة سحرية، بل تحسينات تراكمية دقيقة في التصميم، والواجهات، وجودة الترسيب.
الخلايا ثنائية الطرف : بساطة تصنيعية… وتحديات خفية
تُعد الخلايا الترادفية ثنائية الطرف خيارًا جذابًا من منظور التصنيع، لأنها:
- تتوافق بدرجة كبيرة مع خطوط إنتاج السيليكون الحالية
- تتميز ببنية أبسط مقارنة بالتصاميم متعددة الأطراف
- تقلل التعقيد الكهربائي على مستوى الوحدات
لكن لهذه البساطة ثمنًا. فالتحدي الأكبر في الخلايا الثنائية الطرف هو مواءمة التيار بين الخليتين الفرعيتين. أي خلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى فقدان جزء من الكفاءة النظرية، خصوصًا في ظروف طيفية متغيرة.
الخلايا ثلاثية الطرف: مرونة أعلى ونظرة للمستقبل
في المقابل، عرض فريق Aiko أيضًا تقدمًا ملحوظًا في الخلايا الترادفية ثلاثية الطرف، والتي تتيح استخراج التيار بشكل مستقل من كل طبقة. هذه الميزة تجعلها:
- أقل حساسية لتغيرات الطيف الشمسي
- أكثر ملاءمة للتطبيقات ثنائية الوجه (bifacial)
- أكثر مرونة في تصميم الوحدات وتقليل الهدر المادي
وتشير النتائج الأولية لهذه النماذج المبنية على خلايا All Back Contact (ABC) من Aiko إلى عوائد طاقية أعلى وتكلفة مستوية للكهرباء (LCOE) أقل، وهو عامل حاسم عند الانتقال من المختبر إلى السوق.
من المختبر إلى خط الإنتاج: السؤال الأصعب
اللافت في طرح Aiko ليس فقط كسر الأرقام القياسية، بل التركيز الواضح على قابلية التصنيع والاستقرار طويل الأمد. فكما أشار فريق البحث، فإن الكفاءة وحدها لا تكفي إذا لم تُترجم إلى:
- عمليات تصنيع قابلة للتوسّع
- استقرار تشغيلي لعشرات السنين
- تكلفة مقبولة على مستوى الوحدات
وهنا تكمن أهمية العمل المتوازي الذي تجريه Aiko في مراكزها البحثية في فرايبورغ، ييوو، وتشوههاي، وربط البحث الأساسي بالتصنيع الصناعي.
مسار بحثي متراكم… لا قفزة مفاجئة
هذا الإنجاز لا يأتي من فراغ. فقد شاركت Solarlab Aiko Europe سابقًا في مشروع بحثي عام 2021 دمج خلايا PERC مع خلايا بيروفسكايت طوّرها ائتلاف Solliance الهولندي، ونجح حينها في تحقيق كفاءة 27.7%. بالمقارنة مع ذلك الرقم، يظهر مدى التقدم السريع والتراكمي الذي حققته الشركة خلال بضع سنوات فقط.
الخلاصة
إن تسجيل كفاءة 34.76% ليس مجرد رقم جديد في سباق الأرقام القياسية، بل إشارة قوية إلى نضوج الخلايا الترادفية بيروفسكايت–سيليكون واقترابها من مرحلة التحول الصناعي. وبين بساطة الخلايا ثنائية الطرف ومرونة التصاميم ثلاثية الطرف، يبدو أن مستقبل الطاقة الشمسية العالية الكفاءة لن يكون أحادي المسار، بل مزيجًا ذكيًا من الابتكار العلمي وقابلية التصنيع.
📚 المصدر:
pv magazine. (2025, December 23). Aiko achieves 34.76% efficiency for 2-terminal perovskite-silicon tandem solar cell.



