مصر تطلق أول سوق للكربون في أفريقيا تمهيدا للاستدامة الاقتصادية والبيئية
أطلقت مصر أول سوق طوعية منظمة للكربون لتسجيل وإصدار وتداول شهادات خفض الكربون، وهي خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية، بحسب الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وقالت المشاط، في مؤتمر إعلان استكمال الأطر التنظيمية لمشاريع خفض الكربون بمقر هيئة الرقابة المالية بالقرية الذكية، إن الإطلاق يدل على التزام مصر بالسياسات المبتكرة للتخفيف من آثار تغير المناخ.
وقالت المشاط إن إنشاء هذه السوق هو نتيجة تعاون بين جميع الأطراف ذات الصلة، بما في ذلك شركاء التنمية. وسلطت الضوء على دور برنامج تمويل سياسات التنمية، الذي تنفذه الوزارة مع البنك الدولي، والذي دعم الإطلاق من خلال الإصلاحات الهيكلية والمساعدة الفنية لهيئة الرقابة المالية لإصدار ثلاثة قرارات رئيسية بشأن أسواق الكربون المحلية.
وتغطي هذه القرارات متطلبات التسجيل لهيئات الاعتماد والتحقق، ومتطلبات الترخيص لتسجيلات ائتمان الكربون المحددة، ومتطلبات الترخيص لتسجيلات ائتمان الكربون المتعلقة بالمسائل التجارية.
وأكدت الوزيرة على الاستمرار في تنفيذ برنامج تمويل سياسات التنمية مع البنك الدولي والشركاء الآخرين لدفع الإصلاحات الهيكلية التي تعزز التحول الأخضر.
وأشارت المشاط إلى أن سوق الكربون الجديدة ستعزز من ريادة مصر الإقليمية في الاقتصاد الأخضر.
وأوضحت أن أسواق الكربون هي أدوات فعالة تحفز الشركات على تقليل الانبعاثات الضارة من خلال توفير “ائتمانات الكربون”، والتي يمكن تداولها وبيعها للمستثمرين والشركات التي تكافح للحد من انبعاثاتها. ولا تعمل هذه الآلية على تقليل الانبعاثات فحسب، بل توفر أيضًا التمويل للتحولات الخضراء.
وقالت المشاط: “تعتبر أسواق الكربون آلية عالمية رئيسية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهي أيضًا نموذج تمويل مبتكر أوصى به دليل شرم الشيخ للتمويل العادل، وتحديدًا في فصله الرابع حول التمويل المختلط، نظرًا لدورها في توليد عوائد مالية تدعم العمل المناخي”.
وأكدت الوزيرة أن إطلاق البرنامج يتماشى مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، بهدف إيجاد التوازن بين التنمية الاقتصادية والبيئية من خلال التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ مع الحفاظ على النمو الاقتصادي. وأضافت المشاط أن هذه المبادرة تعكس الدور الرائد لمصر في دعم أجندة 2063 لأفريقيا، وتعزيز الاقتصادات الإقليمية المستدامة بيئيًا والمجتمعات القادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ.
وأبرزت الوزيرة مشاريع قطاع الطاقة في برنامج “NWFE” كأحد مسارات مصر لتحقيق أهداف استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ، والتي تهدف إلى تقليل ما يقرب من 17 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا. وفي هذا الصدد، تتعاون الوزارة مع كيانات مثل صندوق الأصول الكربونية التحويلية (TCAF)، وهي مبادرة من البنك الدولي مخصصة للحد من انبعاثات الكربون.
وأوضحت المشاط أن إطلاق سوق ائتمان الكربون يعد من التوصيات الرئيسية التي أكد عليها شركاء التنمية. وتضمن تقرير تغير المناخ والتنمية الذي نشرته مجموعة البنك الدولي في نوفمبر 2022 توصية بإنشاء سوق ائتمان الكربون كأحد مسارات مصر نحو مستقبل منخفض الكربون. وعلى نحو مماثل، أوصى تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان “سياسات النمو الأخضر في مصر”، في إطار تنفيذ البرنامج الوطني مع الحكومة، بإطلاق سوق تداول الكربون في البورصة المصرية كخطوة إيجابية نحو إشراك القطاع الخاص في العمل المناخي وتشجيع الشركات المصرية على الاستثمار في مشاريع التخفيف.
وللبناء على هذا التقدم، تواصل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تعاونها مع البنك الدولي في برنامج سوق رأس المال المشترك (J-CAP)، وتقديم الدعم للهيئة العامة للرقابة المالية ووزارة البيئة والكيانات الوطنية الأخرى في تعزيز البنية الأساسية لجذب رأس المال الخاص في مصر وتعزيز السيولة في الأسواق المالية. وهذا ينطوي على تطوير الأسس اللازمة للنظام البيئي المحلي، بهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي لأسواق الكربون.
كما تنسق الوزارة مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ أنشطة مختلفة في إطار آلية التعاون الفني وتبادل المعلومات (TAIEX)، وتقديم الدعم الفني لآلية تعديل حدود الكربون (CBAM) للجهات ذات الصلة، بما في ذلك وزارة الصناعة والمنظمات التابعة لها.
وقالت المشاط: “تشير التقديرات إلى أن تداول أرصدة الكربون يمكن أن يقلل من تكلفة تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً بأكثر من النصف، لتصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030 على مستوى العالم”. وأكدت أن إطلاق سوق الكربون في مصر سيمكنها من زيادة مساهمة الاقتصاد الأخضر في الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك تعزيز الاستثمارات الخضراء وتحقيق نسب مستهدفة في مختلف جوانب الاقتصاد الأخضر.
وأبرزت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، القوة الدافعة وراء الإطلاق: “الحاجة إلى الوفاء بالتزامات مصر بموجب اتفاقية باريس، والمساهمات المحددة وطنياً المحدثة، ومعدلات خفض انبعاثات الكربون المستهدفة”.
وعلى الرغم من أن البصمة الكربونية العالمية لمصر صغيرة نسبيًا، حيث تمثل أقل من 1% من الانبعاثات العالمية، وحصة أفريقيا أقل من 4%، فقد أكدت فؤاد على أهمية المسؤولية المشتركة والدور الحاسم للقطاع الخاص.
وأوضحت أن هناك نوعين من أسواق الكربون. سوق الكربون الطوعية، التي هي قيد التطوير حاليًا، هي نتاج عملية تنظيمية مدتها عامان تهدف إلى خلق فرص للقطاع الخاص. وأضافت أن الشركات ستكون قادرة على توليد الإيرادات من خلال مبيعات الكهرباء من الطاقة المتجددة وتداول شهادات الكربون.
وذكرت فؤاد أن هذه السوق الطوعية ضرورية لبناء الأساس لسوق الكربون الإلزامية. وسوف يتضمن الأخير تحديد مشاريع الحد من الكربون، وحساب الانبعاثات عبر القطاعات، وإنشاء نظام قوي للرصد والإبلاغ والتحقق (MRV) بالشراكة مع الوكالات الحكومية وبنوك التنمية.