أخبارالإستدامةتقارير

متابعة نتائج COP28: الطريق إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة بحلول 2030

يشهد قطاع الطاقة العالمي تحولات غير مسبوقة، وسنة 2023 تعتبر محطة حاسمة في هذا التحول. وفقاً لآخر بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة  (IRENA)، تمت إضافة 473  جيجاواط من القدرة الإنتاجية الجديدة للطاقة المتجددة خلال العام الماضي، حيث كانت الطاقة الشمسية هي الأكبر مساهمة بنسبة 73%  من هذا النمو، مما يبرز أهميتها المتزايدة في مزيج الطاقة العالمي.

https://www.irena.org/

نمو قياسي تقوده الصين، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة

تأتي غالبية هذه الزيادة في الطاقة المتجددة من ثلاث مناطق رئيسية: الصين، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والتي شكلت معاً 83%  من السعة الجديدة. تعكس هذه الإنجازات الأثر المتزايد لسياسات الطاقة المتجددة والديناميكيات السوقية التي جعلت الطاقة النظيفة أكثر جذباً من أي وقت مضى.

إنجاز الصين في الطاقة المتجددة

في عام 2023، كان 85%  من القدرة الإنتاجية الجديدة في الصين من مصادر الطاقة المتجددة. يعزى هذا التحول بشكل كبير إلى الانخفاض في تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي أصبحت الآن منافسة لمصادر الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز. نجاح الصين لا يرتبط فقط بقوى السوق، بل هو نتيجة للسياسات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز الطاقة النظيفة. خلال السنوات الأخيرة، شهدت الصين توسعاً سريعاً في قدراتها الإنتاجية من الطاقة المتجددة، مدعومة بسياسات صناعية وحكومية مشجعة، واستثمارات كبيرة في البنية التحتية للطاقة وشبكات الكهرباء.

نمو الطاقة الشمسية وسط أزمة الطاقة العالمية

وسط أزمة الطاقة العالمية، أصبحت الطاقة الشمسية حلاً فعالاً للمنازل والشركات. شهدت أنظمة الطاقة الشمسية الموزعة (معظمها على الأسطح) نمواً قياسياً في بلدان مثل أستراليا، فرنسا، ألمانيا، الهند، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة. مع ارتفاع أسعار الطاقة والقلق المتزايد بشأن الأمن الطاقي، اتجهت العديد من الشركات والمنازل لتركيب الألواح الشمسية لتقليل الاعتماد على الشبكات المركزية. هذا الاتجاه لا يتعلق فقط بتوفير تكاليف الطاقة، بل يمثل جزءاً من دفع أوسع لتفكيك مركزية إنتاج الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ارتفاع الطاقة المتجددة في أوروبا

شهد الاتحاد الأوروبي نمواً ملحوظاً في جهوده لزيادة الطاقة المتجددة استجابة لمخاوف الأمن الطاقي وزيادة التركيز على السياسات المناخية. منذ عام 2022، زادت قدرة الاتحاد الأوروبي من الطاقة الشمسية بنسبة 37%، ما يعني إضافة 56 جيجاواط من السعة الجديدة للطاقة الشمسية. كما زادت قدرة طاقة الرياح بحوالي 17 جيجاواط، مما يعكس استثماراً كبيراً في البنية التحتية للطاقة النظيفة.

هذا النمو يعكس أهمية الطاقة المتجددة ليس فقط كحل مناخي، ولكن أيضاً كأداة لتعزيز استقلال الطاقة. مع تقلبات أسعار الطاقة العالمية، أصبحت العديد من الدول الأوروبية تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كبدائل مستقرة وفعالة من حيث التكلفة.

نمو الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة وقانون خفض التضخم

في الولايات المتحدة، شهدت الاستثمارات في الطاقة المتجددة زيادة ملحوظة بفضل قانون خفض التضخم لعام 2022، الذي يوفر مجموعة واسعة من الحوافز الضريبية لمشاريع الطاقة النظيفة. نتيجة لذلك، توسعت قدرة الطاقة المتجددة في البلاد بشكل سريع، مما جعل الولايات المتحدة لاعباً رئيسياً في الانتقال العالمي نحو الطاقة النظيفة.

الولايات المتحدة لا تركز فقط على مشاريع طاقة الرياح والمزارع الشمسية الكبيرة، بل تدعم أيضاً المشاريع الأصغر اللامركزية التي تساعد في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. الحوافز الضريبية المقدمة بموجب هذا القانون جعلت هذه المشاريع أكثر جاذبية من الناحية المالية، مما أدى إلى طفرة في التركيبات.

أهمية دعم الحكومات

عبر الأسواق الأسرع نمواً في الطاقة المتجددة، هناك أمر واضح: دعم الحكومات هو المفتاح. سواء كان ذلك من خلال سياسات الدعم، أو الإعفاءات الضريبية، أو الأطر التنظيمية، فإن دعم الحكومات يلعب دوراً حاسماً في دفع عجلة الطاقة المتجددة إلى الأمام.

السياسات التي تقدم حوافز واضحة لتطوير الطاقة النظيفة، مثل الإعانات، الإعفاءات الضريبية، والاستثمارات في البنية التحتية، ضرورية لزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة. البلدان التي تبنت هذه السياسات لا تحقق أهدافها المناخية فقط، بل تخلق أيضاً فرصاً جديدة للنمو الاقتصادي والأمن الطاقي.

الخلاصة: الطريق إلى 2030

الهدف العالمي لمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 طموح، ولكن ما حققته سنة 2023 يظهر أن التقدم السريع ممكن. مع إضافة 473 جيجاواط من السعة الجديدة في عام واحد فقط، يبدو أن العالم يسير على الطريق الصحيح لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، يجب أن يستمر هذا النمو – بل ويتسارع – في السنوات القادمة.

المستقبل للطاقة المتجددة، وطالما استمرت الحكومات والشركات والمستهلكون في الاستثمار في الطاقة النظيفة، يمكننا أن نتطلع إلى نظام طاقة أكثر استدامة ومرونة بحلول عام 2030.

المصادر:

  • الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)

م. نادية مهدي

مهندسة كهرباء بخبرة تزيد عن 14 عامًا في أنظمة توزيع الكهرباء ذات الجهد المتوسط والمنخفض. خبيرة معتمدة من مؤسسة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في إدارة أنظمة الطاقة، حاصلة على درجة الماجستير في هندسة الكهرباء، أسعى لنشر الوعي بمجال كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في العالم العربي، بالإضافة للمساهمة في تطوير هذه الصناعة في بلدي الحبيب فلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى حصري