خلص تقرير صادر عن صندوق النقد العربي إلى أن الدول العربية شهدت نمواً اقتصادياً كبيراً على مر السنين، مما أدى إلى زيادة استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة.
التقرير ،الذي سلط الضوء على أهمية فهم العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون لتطوير استراتيجيات فعالة للتنمية المستدامة وحماية البيئة ،استكشف “العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الدول العربية”و العلاقة بين النمو الاقتصادي (الناتج المحلي الإجمالي) وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الدول العربية.
وأشارت نتائج التقرير إلى وجود علاقة إيجابية بين النمو الاقتصادي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الدول العربية وأن حجم هذه العلاقة يختلف بين البلدان، مما يشير إلى تأثير العوامل الخاصة بكل بلد.
بالإضافة إلى ذلك يحدد التقرير العديد من الآثار السياسية للدول العربية للتخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مع الحفاظ على النمو الاقتصادي.
وتناول التقرير تأثير نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الدول العربية حيث تم اعتماد إطار فرضية EKC للتحقق من وجود ارتباط غير خطي بين الناتج المحلي الإجمالي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
حيث تشير الفرضية المذكورة إلى أن الدخل يعمل في البداية كعامل محفز للانبعاثات ولكنه يخفض الانبعاثات بعد تجاوز مستوى عتبة معينة ، وبالتالي، فإن تقدير نقطة تحول الناتج المحلي الإجمالي التي يؤدي بعدها تطور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى تحسين نوعية البيئة أمر حيوي.
وكان الهدف الحاسم الآخر لهذه الدراسة هو تحديد تأثير استهلاك الطاقة المتجددة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المنطقة، وبالنظر إلى بيانات اللوحة المتاحة، تم استخدام إجراء تقدير PMG لمعالجة التناقضات المحتملة في العينة ،علاوة على ذلك، فقد قسم هذا البحث العينة إلى فئتين على أساس مستوى الدخل: ذوي الدخل المرتفع وغير المرتفع، وذلك للتحكم في عدم التجانس في العينة.
وأظهرت نتائج الدراسة أن فرضية EKC لم تكن موجودة عند استخدام العينة بأكملها على المدى الطويل، وعندما تم ضبط عدم التجانس في العينة، أظهرت النتائج أن الناتج المحلي الإجمالي كان له تأثير إيجابي على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي التربيعي كان له تأثير سلبي على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في كل من البلدان العربية ذات الدخل المرتفع وغير المرتفع.
وتدل هذه النتائج على وجود فرضية EKC في الدول العربية.
ومن النتائج المهمة التي توصل إليها التقرير أن نقطة تحول الدخل الصحيحة في البلدان ذات الدخل المرتفع تبلغ حوالي 58,151 دولارًا أمريكيًا، وحوالي 9,685 دولارًا أمريكيًا في البلدان غير المرتفعة الدخل.
وفيما يتعلق بتأثير استهلاك الطاقة المتجددة على المدى الطويل كنسبة من إجمالي استهلاك الطاقة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فقد لوحظ تأثير سلبي كبير بسبب زيادة الطاقة المتجددة في الدول العربية المختارة.
كما تدعم هذه النتائج فكرة أن العديد من الدول العربية بدأت في الاستجابة لتغير المناخ بسياسات واستراتيجيات تهدف إلى التحكم في انبعاثات الغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
ومن الأمثلة على جهود الدول العربية المبادرة السعودية الخضراء، ومبادرة الشرق الأوسط الخضراء، ومبادرة صافي الصفر في الإمارات العربية المتحدة 2050.
وبرزت أسعار الطاقة كعامل موثوق يرتبط عكسيا بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في تحليل العينة بأكملها والمجموعة ذات الدخل غير المرتفع. ومع ذلك، كانت هذه النسبة غير ذات أهمية إحصائية في حالة البلدان ذات الدخل المرتفع على المدى الطويل.
وساهمت هذه الدراسة في المناقشات الأخيرة المتعلقة بتغير المناخ والآفاق الاقتصادية المستقبلية من خلال الإشارة إلى أن التحول نحو استخدام الموارد المتجددة أمر ضروري للحد من انبعاثات غازات الدفيئة ،علاوة على ذلك، فإن الإصلاحات الاقتصادية التي تلغي دعم الطاقة يمكن أن تكون حاسمة في تخفيف المخاطر البيئية.
وعلى الرغم من أن النتائج تشير إلى أنه يوصى بأن يتبنى ممثلو الحكومات في الدول العربية فرضية EKC كأساس لمبادراتهم المتعلقة بالجودة البيئية، إلا أن مستوى الدخل في العديد من البلدان لم يصل بعد إلى نقطة التحول ،ولذلك، يجب على السلطات في الدول العربية اتخاذ التدابير المناسبة للحد من الأضرار البيئية واستنزاف الموارد بدلا من الاعتماد فقط على مكاسب النمو الاقتصادي للحد من الانبعاثات، وهو ما قد يحدث بعد الوصول إلى عتبة الدخل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعوة إلى الابتكار والاستثمار في التقنيات الخضراء ستساعد في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أي إزالة الكربون والآلات الموفرة للطاقة،والأهم من ذلك، أن الاعتماد بشكل أكبر على الاستثمار في الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، قد يكون مناسبًا نظرًا لجغرافية المنطقة.
وبشكل عام، يعد التقرير بمثابة مورد قيم لصانعي السياسات والباحثين وأصحاب المصلحة في البلدان العربية، حيث يقدم نظرة ثاقبة للتفاعل المعقد بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية نكما يؤكد على أهمية تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة لتحقيق نمو مستدام وشامل في المنطقة.