تخطط الدول العربية لإطلاق مبادرات مناخية جديدة واستكمال عدد من المبادرات المعلن عنها سابقاً في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ (COP28)، مما يوفر فرصة كبيرة لهذه الدول لتعزيز جهودها والمشاركة الفعالة في إيجاد حلول عادلة لتحديات تغير المناخ.
تدعم الدول العربية تنفيذ اتفاق باريس، الذي تم اعتماده في COP21، لتحقيق صافي انبعاثات صفرية، وتنمية اقتصادية مستدامة، ومعالجة تغير المناخ لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
على الرغم من أن مساهمة الدول العربية في انبعاثات الكربون محدودة، إلا أن المنطقة العربية هي واحدة من أكثر المناطق تأثراً بتغير المناخ، وفقاً لصندوق النقد العربي ومقره أبو ظبي.
ومع استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، تستحوذ الدول العربية على 18% من إجمالي قمم المناخ، حيث تستضيف الدول العربية 5 قمم من أصل 28. وكان المغرب أول دولة عربية تستضيف قمة مؤتمر الأطراف (COP7) في عام 2001، تلتها قطر (COP18) في عام 2012، والمغرب (COP22) في عام 2016، ومصر (COP27) في نوفمبر 2022.
المجموعة العربية
تعد الدول العربية الـ 22 إحدى المجموعات التفاوضية الرئيسية في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC). وتعقد المجموعة اجتماعا قبل كل قمة مناخية للأمم المتحدة، وفقا لتقرير “مفاوضات الدول العربية في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” الصادر عن مؤسسة فريدريش إيبرت للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويشير التقرير إلى أن المجموعة العربية تجتمع يوميا في مؤتمر الأطراف لوضع استراتيجيات مواقفها. وجميع أعضاء المجموعة العربية هم أيضا جزء من مجموعات أخرى، مثل المجموعة الأفريقية ومجموعة الـ 77 والصين.
طاقة متجددة
تتبنى البلدان العربية بشكل متزايد مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتنويع مزيج الطاقة لديها والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. كما توسعت دورها في التدابير التعويضية، مثل زراعة الأشجار، وتقنيات احتجاز الكربون، وإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون في سياق الاقتصاد الدائري، بحسب تقرير صندوق النقد العربي “رؤية بشأن الموقف من تغير المناخ وخيارات السياسات”.
ويوضح التقرير أن ارتفاع درجات الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة وانخفاض هطول الأمطار، مع تأثيرها الكبير على التصحر وتراجع الأمن الغذائي والنزوح القسري، ما هي إلا أمثلة على المخاطر التي يشكلها تغير المناخ. ويشير إلى الاتجاه المتزايد لمعظم الدول العربية لدمج الاستدامة في سياساتها وممارساتها في محاولة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية.
التنسيق العربي
في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ، مصر، تعهدت الغالبية العظمى من أعضاء مجموعة التنسيق العربية بتقديم تمويل مشترك بحلول عام 2030 بمبلغ متراكم قدره 24 مليار دولار لمعالجة أزمة المناخ العالمية. وتضم المجموعة صندوق أبوظبي للتنمية، المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، برنامج الخليج العربي للتنمية، صندوق النقد العربي، الصندوق العراقي للتنمية الخارجية، البنك الإسلامي للتنمية. والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، وصندوق أوبك للتنمية الدولية، وصندوق قطر للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية.
الشرق الأوسط الأخضر
وينمو التعاون العربي في مجال المناخ من خلال عدة مبادرات، أبرزها مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” للتخفيف من آثار تغير المناخ على منطقة الشرق الأوسط. وتهدف المبادرة إلى دعم جهود المنطقة لخفض انبعاثات الكربون بنسبة 10% من المساهمات العالمية، وخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%.
وتهدف المبادرة إلى زراعة 50 مليار شجرة في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يعادل 5% من مستهدف التشجير العالمي، ويساهم في خفض انبعاثات الكربون حول العالم بنسبة 2.5%.
الحياد المناخي
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة عشرات المبادرات الوطنية والإقليمية في قطاعات مثل “الفضاء والبيئة والصحة والطاقة” لتعزيز النمو المستدام وتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. كما تعمل الإمارات على تعزيز دورها الرائد في تفعيل المناخ العمل على المستويين الإقليمي والعالمي، من خلال توسيع مساهماتها في دعم أهداف الطاقة المتجددة في الدول العربية، ونشر الحلول الفعالة لمعالجة تغير المناخ العالمي. ودعمت تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة على مستوى العالم، واستثمرت في مشاريع الطاقة المتجددة في 70 دولة بقيمة إجمالية تقارب 16.8 مليار دولار.
ووقعت الإمارات ومصر خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) اتفاقية لتطوير مشروع طاقة الرياح البرية في مصر بقدرة 10 جيجاوات، والذي يعد أحد أكبر مشاريع طاقة الرياح في العالم.
المبادرة السعودية الخضراء
وكانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت في أغسطس من العام الماضي إطلاق النسخة الثالثة من منتدى “السعودية الخضراء” في 4 ديسمبر المقبل ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، في خطوة تظهر التزام المملكة وجهودها المتواصلة لدعم أجندة العمل المناخي العالمي وجهودها المستمرة. اتخاذ تدابير ملموسة لمواجهة التحديات البيئية.
اللاجئون المرتبطون بالمناخ
ويعتزم الأردن الإعلان عن إطار مبادرة اللاجئين المرتبطين بالمناخ (علاقة المناخ/اللاجئين) خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، بعد الانتهاء منه خلال الفترة المقبلة بالتنسيق مع الجهات المعنية، بحسب إعلان وزارة البيئة في آب/أغسطس من العام الماضي. وأشار الأردن خلال مشاركته في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين إلى مبادرة الترابط بين المناخ واللاجئين لإعطاء الأولوية لدعم الدول المضيفة التي تتحمل عبء تغير المناخ، داعيا الدول المشاركة في المؤتمر إلى التصديق عليها.
المبادرات العالمية
أطلقت مصر عددًا من المبادرات الوطنية والأفريقية والإقليمية لتعزيز العمل المناخي خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في نوفمبر من العام الماضي، بما في ذلك مبادرة الحياة الكريمة من أجل أفريقيا قادرة على التكيف مع المناخ بحلول عام 2030، والتي تهدف إلى تحسين نوعية الحياة لجميع الأفارقة في بيئة متغيرة. المناخ بحلول عام 2030، مبادرة أصدقاء تخضير خطط الاستثمار الوطنية في أفريقيا والبلدان النامية، تهدف إلى تشكيل عملية تخطيط وتصميم السياسات الاقتصادية لتأخذ في الاعتبار تأثير تغير المناخ، وقياس جهود التخفيف والتكيف، وتحديد الثغرات والدعم اللازم في البلدان المعنية، ومبادرة إدارة النفايات الصلبة لأفريقيا 50 بحلول عام 2050، والتي تهدف إلى إعادة تدوير 50٪ من نفايات القارة بحلول عام 2050 من خلال تحسين أنظمة جمع النفايات وإدارتها، وتشجيع إعادة التدوير والتحويل إلى سماد في 50 دولة أفريقية.
الواحات المستدامة
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP22) الذي انعقد سنة 2016 بمراكش، أطلق المغرب مبادرة “الواحة المستدامة” التي تهدف إلى الاعتراف بالواحات والحفاظ عليها وتطويرها اجتماعيا وتضامنيا كنماذج للتكيف مع تغير المناخ. استهدفت المبادرة الاعتراف بالواحات والحفاظ عليها وتطويرها اجتماعيًا وتضامنيًا كنماذج للتكيف مع تغير المناخ.
مركز الشباب العربي
تماشياً مع الاهتمام العالمي المتزايد بدور الشباب في الجهود المجتمعية لمواجهة تحديات التغير المناخي واعتباره ركيزة أساسية في فعاليات مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP)، انطلق مركز الشباب العربي في أغسطس 2021 مجلس الشباب العربي للتغير المناخي كمنصة إقليمية تعزز تفاعل الشباب العربي مع القضايا البيئية، وتدعم الاستراتيجيات العربية المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي، وتساهم في إيجاد قادة الرأي الشباب والمبتكرين في مجال العمل المناخي تزامناً مع استضافة الإمارات لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).
ويضع المجلس مجموعة من الأهداف الاستراتيجية. ويشمل ذلك تمكين الشباب العربي بالمهارات الأساسية لمواجهة التحديات المناخية، والدعوة إلى تمثيلهم في المنتديات البيئية العربية والدولية، ودعم الدول العربية في تعزيز جهودها المناخية، وتقديم توصيات استراتيجية لصناع القرار في العالم العربي، واقتراح حلول فعالة من خلال والشراكات مع القطاعين العام والخاص، وتشجيع الاستثمار في الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة التي تركز على حماية البيئة، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتحقيق الاستدامة.