مقارنة بين الطرق الأساسية لتحويل الطاقة وكفاءتها
تعد الطاقة الكهربائية أحد أهم و أكثر أشكال الطاقة استخداما على مستوى العالم¹، ولكن ماذا عن أشكال أخرى من الطاقة؟ والتي تعد أيضا مهمة لعدد من القطاعات كالطاقة الحرارية لبخار الماء المستخدمة بكثرة في القطاع الصناعي، أو الطاقة الحرارية المستخدمة في التدفئة والتبريد والمستخدمة بكثرة في القطاع المنزلي والتجاري والصناعي أيضا، و لكن هنالك أشكال أخرى من الطاقة لها استخداماتها الخاصة تبعا لطبيعتها و طبيعة استهلاكها في بعض القطاعات، ستناول في هذا المقال هذه الطاقات و كيفية تحويلها لأشكال الطاقة الأخرى و الكفاءات التقريبية لعمليات تحويلها.
يوضح الشكل الرئيسي² أعلاه مصادر الطاقة المختلفة وطرق الإستفادة منها. عادة ما يتم تحويل الطاقة الكيميائية المخزنة في الوقود الأحفوري إلى أشكال قابلة للإستخدام من الطاقة عن طريق الحرارة بالحرق بكفاءة تصل إلى حوالي 90%. يمكن استخدام المحركات الحرارية (Heat Engines) التي تستخدم الطاقة الحرارية و تحويلها إلى طاقة ميكانيكية، حيث تتمتع المحركات الحرارية بكفاءة تحويل تصل إلى %60، و تعتمد كفائتها على عدة عوامل منها توفر الأكسجين بنسب معينة المربوطة بكمية الوقود المحروق و الطاقة الحرارية المخزنة في الوقود لكل كيلوغرام أو طاقة المحتوى الحراري للوقود القابل للإشتعال (Lower and Higher Heating Values LHV and HHV [kJ/kg])*. إن كفاءة احتراق هذا الوقود محدودة في النهاية بحد كفاءة كارنو (Carnot Cycle) الذي يمكن للقارئ التوسع فيه³ من خلال دراسة قوانين الديناميك الحراري و محددات نقل الطاقة من صور إلى أخرى. إن الغالبية العظمى من السيارات والشاحنات الحالية تعمل على هذا المبدأ. بعد ذلك يمكن تحويل الطاقة الميكانيكية إلى كهرباء باستخدام المولدات الكهربائية بكفاءة %90 أو أعلى. يتم توليد معظم الكهرباء في العالم باستخدام مولدات توربينية متصلة بتوربينات بخارية، حيث يعتبر الفحم أو الغاز هو العنصر الرئيسي لمصدر طاقة عالميا⁴. على طول جميع خطوات عملية إنتاج الكهرباء من حفريات الوقود، يتم فقدان ما لا يقل عن %50 من الطاقة الكيميائية الأولية المتاحة في خطوات التحويلات اللاحقة.
تعد الطاقة الشمسية هي مصدر الطاقة الرئيس المسؤول عن وجود الحياة على كوكب الأرض، تعلم الإنسان على مر العصور تسخير وتحويل هذه الطاقة لأشكال أخرى، في العصر الحديث، هنالك شكلين رئيسين و مفيدين لاستهلاك الطاقة الشمسية، وذلك بعد تحويلها للشكل الأول الذي سنتكلم عنه وهو تحويل الطاقة الشمسية لطاقة حرارية مستفادة في التسخين عن طريق التبادل الحراري للمياه الساخنة مع مائع حامل للطاقة الحرارية من الشمس، تماما كما يفعل السخان الشمسي المستخدم بكثرة في القطاع المنزلي، حيث تبلغ كفاءته التقريبية حوالي بحدود (%80 – %40)⁵، وذلك باعتماده على عدد كبير من العوامل منها نوع السخان و موقع السخان و مساحته و تصميمه و زاوية ميلانه و درجة حرارة المياه المطلوبة منه و غيرها الكثير من العوامل الحرارية المهمة.
والشكل الآخر المستخدم هو تحويل الطاقة الشمسية لطاقة كهربائية عن طريق التأثير الكهروضوئي الذي وصفه ألبرت آينشتاين و أخذ عليه جائزة نوبل في عام 1921 و من ثم طورته شركات تصنيع الألواح الشمسية التي تعد في وقتنا الراهن أرخص أنواع الطاقة من حيث تكلفة الطاقة المستوية (LCOE)⁶، حيث بدأت كفاءة تحويل الألواح الكهروضوئية بقيم رديئة و وصلت إلى %25 كقيمة تجارية⁷ وإلى أكثر من %47 كقيمة بحثية⁷ داخل مختبرات تطوير هذه الألواح.
تعد طاقة الرياح أيضا طاقة مهمة ويمكن تحويلها إلى الطاقة الحركية – و ذلك باستخدام شفرات خاصة مركبة على التوربين الهوائي – و التي يمكن بدورها تحويلها لطاقة كهربائية عن طريق المولد الكهربائي. إن التوربينات الهوائية أجهزة مهمة عندما نتكلم عن الطاقة النظيفة و يمكن تركيبها على الأرض (Onshore Wind Turbines) أو داخل البحار والمحيطات (Offshore Wind Turbines)، و تتراوح كفاءة تحويل طاقة الرياح التشغيلية بين (%40 – %20)⁸، و يمكن أن تبلغ أكثر من ذلك، و لكن لا يمكن أن تتعدى الحد النظري لبيتز (Betz Limit)⁹ الذي يبلغ حوالي %59.
هنالك شكل آخر طبيعي للطاقة موجود على الكرة الأرضية و يعتبر دائم و مهم و هو طاقة المياه الحركية، و نخص بالذكر هنا الشكل الذي يعتمد على حركية المياه العمودية على سطح اليابسة بفعل الجاذبية الأرضية (Gravitational Hydropower) و لن نتكلم هنا عن طاقة الأمواج المائية (Tidal Energy).
يعتمد استخراج طاقة المياه الحركية و تحويلها لطاقة كهرباىبة عن طريق المولد الكهربائي على نوع التوربين المائي المستخدم و تصميم الدوار (Rotor) الخاص به و أيضا إرتفاع المياه الساقطة عليه، إذ يمكن للتوربين استخدام نظام الدلو (Buckets) كجزء مسؤول عن نقل الطاقة الحركية للمياه أو نظام الشفرات (Blades). و قد وصلت كفاءة تحويل التوربين المائي الحديث لطاقة كهربائية إلى أكثر من (%90).¹⁰
آخر نوع طاقة سنتكلم عنه في المقال هو الطاقة النووية، الذي يعتبر أحد أقوى و افضل أنواع الطاقة من حيث أمنها، فعاليتها و موثوقيتها أيضا، حيث أنها تستخدم في محطات توليد الكهرباء كحمل أساسي (Base Load) يخدم البلد وقطاعته المختلفة.
تستخدم الطاقة النووية العناصر المشعة و تستفيد من التفاعلات النووية المتعلقة فيها لإنتاج طاقة حرارية التي يمكن استخدامها بعد ذلك لتسخين المياه و إدارة عنفات التوربين الموصول بعمود التدوير إلى المولد الكهربائي الذي ينتج الطاقة الكهربائية.
يمكن الحصول على الطاقة النووية من الإنشطار النووي (Nuclear Fission)، الإضمحلال النووي (Nuclear Decay)، و تفاعلات الإندماج النووي (Nuclear Fusion Reactions). في الوقت الراهن، يتم إنتاج الغالبية العظمى من الكهرباء من الطاقة النووية عن طريق الإنشطار النووي لليورانيوم و البلوتونيوم في محطات الطاقة النووية.¹¹
يتراوح مدى كفاءة تحويل محطات الطاقة النووية القائمة إلى طاقة حرارية بين (%36 – %34)¹² تبعا لنوع المحطة والعوامل المختلفة التي تتحكم في التفاعلات النووية الحاصلة داخلها.
في الختام، هنالك أنواع متعددة من الطاقة تمكنا الأجهزة المستخدمة في حياتنا اليومية من تحويل أشكال الطاقات هذه إلى أشكال أخرى مفيدة للقيام بالشغل اللازم والوظيفة المطلوبة، إن هذه الأجهزة تسمى بمحولات الطاقة (Transducers) و التي تمتثل في عمليات التحويل تلك لقانون حفظ الطاقة المعمول به في الديناميك الحراري.
و هذه الطاقات لا يمكن تفضيل أي منها على الآخر بالمطلق إذ تملك كل منها غرض معين وفق لطبيعتها و طبيعة الإستخدام و المتطلبات اللازمة للقيام بالشغل المطلوب من خلالها، لقد بينا في هذا المقال أهم أشكال هذه الطاقات و كفاءة تحويلها من شكل إلى آخر. يمكن استخدام المصادر أدناه للقيام بعملية بحث و قراءة مفصلة للإستزادة و التعلم الذاتي إذا أراد القارئ معرفة المزيد عن علم كفاءة الطاقة.
المصادر:
1- U.S. Energy Consumption in a Giant Diagram
2- Smets, A. H., Jäger, K., Isabella, O., Van Swaaij, R. A., & Zeman, M. (2016). Solar Energy: The
physics and engineering of photovoltaic conversion, technologies and systems.
* تعتمد قيم كفاءة تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حرارية على نوع الوقود الأحفوري من فحم أو غاز أو غيره. يمكن إيجاد قيمها في الكتب المتخصصة في الديناميك الحراري و لم تناوله هنا لانه ليس من اختصاص هندسة الطاقة المتجددة الدقيق.
3- Carnot Cycle
4- Energy Statistics Data Browser by IEA
5- Solar Collector Efficiency
6- Levelized cost of electricity
7- solar cell energy conversion efficiencies since 1976 (National Renewable Energy Laboratory)
8- Renewable Energy Fact Sheet: Wind Turbines
9- Coefficient of Power (Cp) and Betz Limit
10- Water Turbines
11- Nuclear Power
12- World Nuclear Association (WNA)